تمثل مواقع التواصل الاجتماعي رصيدًا إخباريًا مهمًا، لكنها تعد أيضًا ميدانًا خصبًا لاختلاق الوقائع وتشويه الحقائق وبلورة المشاعر العدائية، وأحيانًا بث الكراهية وأجواء الاستقطاب.
وتتكرس الوظيفة الإخبارية لتلك المواقع يومًا بعد يوم، وتصبح مصدرًا رئيسًا لاعتماد الجمهور ووسيلة لمتابعة الأحداث والمشاركة في صياغتها والتعليق عليها. ويمكن ملاحظة أن نسبة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي كمصدر للأخبار تزداد باضطراد في ظل سخونة الأوضاع السياسية، وفي ظل ما يمكن تسميته عصر الاضطراب العالمي، وتعرض الإعلام لحالات من التضييق أو الاستهداف.
وقد استهدفت رسالة ماجستير الباحثة مُنية إسحاق المدرس المساعد بكلية الإعلام جامعة السويس أشرفنا عليها منذ فترة الكشف عن مدى اعتماد الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي كمصدر للأخبار من خلال رصد مدى اهتمام ومتابعة الشباب للمضامين الإخبارية، وتحديد المجموعات والصفحات الإخبارية المفضلة لدى الشباب، ورصد كيفية المتابعة والتأثر والمشاركة لدى الشباب لهذه المواقع، وتحديد مصادر المضامين الإخبارية التي يتابعها الشباب الجامعي، ورصد مضمون الأشكال التفاعلية على الصفحات الإخبارية وتأثيرها على مصداقية المضمون، وذلك من خلال دراسة ميدانية لعينة عمدية من الشباب إلى جانب دراسة تحليلية لعينة من الصفحات المتخصصة للأخبار(صفحات تابعة لمؤسسات صحفية لها نسخة ورقية – وصفحات تابعة لمؤسسات صحفية ليس لها نسخ ورقية – صفحات إخبارية تابعة لقنوات تليفزيونية- صفحات تابعة لمؤسسات أجنبية ولها صفحات تصدر باللغة العربية) من مواقع الشبكات الاجتماعية (فيسبوك – تويتر).
وقد تم تحديد الفترة الزمنية في 10 أيام متصلة لمتابعة الصفحات والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك نظرًا لكونها فترة مزدحمة بالأحداث المختلفة على الصعيدين العالمي والمحلى، مما يؤدى إلى زيادة موازية في الأخبار التي تنشرها الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لتغطية تلك الأحداث.
وقد عرضت الدراسة في جانبها النظري استخدام مواقع التواصل الاجتماعي كمصدر للمعلومات، والاعتماد عليها كمصدر للأخبار، خاصةً في الأخبار العاجلة، وفى ظل المتغيرات السياسية، والمحتوى الذى يصنعه المستخدمون عبر مواقع التواصل الاجتماعي (UGC).
وقد خلصت الدراسة التحليلية إلى أن أكثر الوظائف الصحفية تحققًا هي وظيفة الإخبار بنسبة 97.7%، وتختص بإمداد القراء بالأخبار، والتي يُشترط أن يحصل عليها كمادة إخبارية صرفة، لا يجوز التحريف فيها أو التغيير، حيث تحققت في كل الصفحات التي تم تحليلها بنسب مرتفعة للغاية، وأن معظم الصفحات الإخبارية تهمل توضيح مصدرها في عنوان الخبر أو الصورة المصاحبة له، وتعتمد على تتبع القارئ للرابط الإلكتروني إلى موقعها الرسمي لقراءة تفاصيل الخبر كاملةً، برغم ما اتضح من نتائج الدراسة الميدانية أن 28.7% من الشباب الجامعي فحسب يضغط على الرابط الإلكتروني لمزيدٍ من التفاصيل.
وكانت أكثر المصادر الصحفية وضوحًا في عناوين الأخبار التي تم تحليلها هى: القنوات والإذاعات بنسبة 14.6%، وأن المصدر الأولي الأكثر استخدامًا في الأخبار التي قامت الدراسة بتحليلها من الصفحات الإخبارية كان "الشخصية المشهورة" بنسبة 16.1%.
وتبين أن النسبة الغالبة من المنشورات Posts التي تم تحليلها كانت مادة خبرية بنسبة 98.8%، بينما كانت نسبة مواد الرأي ضئيلة جدًا (0.1%)، وكانت اللغة العربية الفصحى هي اللغة الغالبة على معظم المنشورات التي تم تحليلها بنسبة 90%. وكانت القيمة الخبرية الأكثر شيوعًا في الصفحات محل الدراسة هي الجدة والحداثة بنسبة 94.9%، وتعنى أن يكون الخبر جديدًا وحديثًا ومجاريًا للأحداث، وكانت أكثر الصفحات اهتماما بجدة وحداثة الأخبار المنشورة بها هي CNN بنسبة 100%، وهو ما يتلاءم مع طبيعة الصفحة تمامًا.
وكانت النسبة الأكبر من المنشورات الإخبارية التي تم تحليلها كانت مزيجًا ما بين النص والصورة بنسبة 65.7%، وكانت أكثر الصفحات استخداما لهذا النوع الصفحات الإخبارية للقنوات التليفزيونية الإخبارية، وهو ما يلائم طبيعة هذا النوع من الصفحات التي تسعى للترويج للقنوات التليفزيونية من خلال صور للبرامج والأفلام والبرامج التسجيلية المختلفة التي تعرضها.
وكانت أكثر العناصر التفاعلية استخدامًا في الصفحات هي الروابط الإلكترونية للمواقع الإعلامية والمصاحبة للأخبار المنشورة بنسبة 86%، حيث كانت كل الصفحات تضع رابطًا للموقع الإلكتروني الرسمي للمؤسسة التي تتبعها الصفحة.
أما بالنسبة لنتائج الدراسة الميدانية التي أُجريت على عينة قوامها 400 مبحوث من الشباب، فتتمثل في أن النسبة الأكبر من الشباب يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي منذ أكثر من ست سنوات بنسبة 79.6%، وأن النسبة الأكبر من الشباب يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من مرة يوميًا بنسبة 71.8%، وأن النسبة الأكبر من الشباب (38.6%) يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي من ساعة إلى ثلاث ساعات يوميًا.
إن النسبة الأكبر من الشباب الجامعي تتابع ما ينشره الآخرون posts على مواقع التواصل الاجتماعي بنسبة 66.8%، تلاها الشباب الذين يستخدمون الدردشة Chat بنسبة61.8%، ثم مَن يكتبون ما يدور في أذهانهم على مواقع التواصل الاجتماعي من الشباب بنسبة 52.9%.
إن ترتيب مواقع التواصل الاجتماعي طبقًا لعينة الدراسة من الشباب جاءت كالتالي: فيسبوك في المركز الأول تلاه يوتيوب ثم تويتر، وأن النسبة كانت متساوية تمامًا بين الشباب الذين يرونها مصدرًا مهمًا للمعلومات مع وجود مصادر أخرى أقل أهمية، ومن يرونها مصدرًا للمعلومات ولكن تسبقها مصادر أخرى أكثر أهمية، حيث كانت النسبة لكلٍ منهما 41.1%، وأن النسبة الأكبر من الشباب تهتم بمتابعة الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي بنسبة 87.5%، وهى نسبة تدعو للقلق لأنها تكتب سطر النهاية لوسائل إعلام إخبارية عديدة كالصحافة المطبوعة والقنوات الإخبارية بل والمواقع الإخبارية، ولكن الأكثر إيلامًا أن هذه النسبة الكبيرة للاعتماد على شبكات التواصل الاجتماعي كمصدر رئيس للأخبار تؤذن بأفول عصر الصحافة المطبوعة، ليبدأ عصرٌ جديد لشبكات التواصل الاجتماعي كمصدر رئيس للأخبار.