وصف الناقد المغربي عبدالكريم واكريم المخرج السينمائى نور الدين الصايل بأنه عراب السينما المغربية، وأنه يعد رجل السينما في المغرب لأن بصماته كانت واضحة في كل مراحلها.
ونشر الناقد المغربي عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك تدوينة مطولة عبر فيها عن حزنه وحزن الشعب المغربي على فقدان الصايل الذي رحل عن الحياة منذ قليل بعد إصابته بفيروس كورونا، وقال عبدالكريم واكريم :
"لايمكن الحديث عن تاريخ السينما المغربية دون ذكر نور الدين الصايل الذي ترك بصماته في كل مراحلها، فابتداء من بداية السبعينيات حيث ترأس وكان من مؤسسي الجامعة الوطنية للأندية السينمائية والتي سيظل رئيسا لها لمدة عشر سنوات، ثم بعد ذلك بإعداده وتقديمه لبرامج إذاعية ثم تلفزية حول السينما وصولا لترأسه للمركز السينمائي المغربي طيلة إحدى عشرة سنة، فترة كانت من بين أهم الفترات التي عاشتها السينما المغربية والتي عرفت فيها ازدهارا مهما لامِن ناحية الكم الذي فاق العشرين فيلما سنويا بعد أن كان لايتعدى بضعة أفلام قبل مجيئه للمركز ولا من ناحية الجودة إذ عرفت هذه الفترة إنتاج أفلام مغربية جد مهمة ستظل محفورة في الذاكرة السينفيلية إلى الأبد.".
وتابع قائلا :" أفلام جالت مهرجانات عالمية وحصلت فيها على جوائزَ مهمة، بل منها من زاوج بين النجاح النقدي واستطاع أيضا تصدر مداخيل شباك التذاكر.
نور الدين الصايل ابن مدينة طنجة التي نشأ وتربى فيها سنوات الخمسينيات والستينيات، تلك السنوات التي كانت مليئة بالفن وبالحياة وبالسينما التي سيعشقها نور الدين مبكرا ويهيم بين قاعاتها في المدينة العتيقة، ففي صالات الكسار وكابيطول شاهد أفلامه العالمية الأولى المدبلجة بالإسبانية وفي “فوكس” انفتح على السينما المصرية بنجومها، لكن الذي لايعلمه الكثيرون أن نور الدين الصايل كان أيضا لاعبا لكرة القدم قارب الاحتراف ولعب لمدة مع الفريق الأول بالمدينة آنذاك، وظل يلعب له حتى فترة انتقاله للرباط حيث درس الفلسفة بالجامعة.".
واستطرد قائلا :" نورالدين الصايل ليس رجل السينما في المغرب فقط، كما يحلو للمهتمين أن يلقبونه لكنه أيضا رجل إعلام وتواصل، إذ بصم بميسمه القنوات التلفزية التي أشرف على تسييرها أو قام فيها بمهام، فلا أحد يمكن أن يجادل في أن أهم فترات القناة التلفزية المغربية الوحيدة آنذاك قد عرفت بداية الثمانينات انفجارا إبداعيا لما تقلد الصايل مقاليد تسيير برمجتها بحيث استدعى طاقات ومخرجين وكتابا وفنانين شباب ومكنهم من إنجاز برامج تلفزية ظهر فيها فارق الإبداع والتَّميُّز وبدا فيها واضحا شغف وحب هؤلاء لما يفعلونه رغم أن هذه اللحظة الجميلة والمشرقة لم تمتد كثيرا في المشهد التلفزي المغربي.
وبعد ذلك ومع انطلاق القناة التلفزية الثانية “دوزيم” أواخر الثمانينيات من القرن الماضي سيلتحق بها نور الدين الصايل كمستشار لينتقل بعد ذلك مباشرة للإشراف على إدارة برامج القناة الفرنسية “كنال بلوس أوريزون” والتي سيظل بها حتى يستدعيه الملك للإشراف على إدارة قناة “دوزيم” ."
وأنهى التدوينة قائلا :" كل هذه الفترات وما بينها كانت جد أساسية في حياة نور الدين الصايل وفي مسار هاته المحطات أيضا، لأنه كان ومازال كائنا شغوفا لايعرف إلا أن يقوم بالشيء حتى نهايته وأن يدع ويضع بصمته في العمل الموكول إليه. نعم تقلد الصايل مناصبه كموظف لكنه لم يكن أبدا ذلك الموظف الذي يؤدي فقط عملا موكولا إليه وينتهي الأمر عند هذا الحد، لكنه كان يجعل من المهام الموكولة إليه شغفا وحبا وعملا إبداعيا يحاول أن يصل به نحو الكمال ماستطاع إلى ذلك سبيلا.
نور الدين الصايل، الذي يشغل الآن منصب رئيس مؤسسة مهرجان السينما الإفريقية، واحد من رجالات الفكر والفلسفة والفن في المغرب، والذي سيظل إسمه محفورا بحروف من ذهب في تاريخ الفن والسينما والإبداع بالمغرب. وهاهو الآن ورغم خروجه من المركز السينمائي المغربي مازال نشطا كنحلة وعاملا كنملة من محاضرة لأخرى، ومن درس سينمائي لآخر ومن ترأس لجنة تحكيم مهرجان مهم إلى آخر، لايهدأ ولا يَكلّ بطاقة شاب في العشرين ، وفكر رجل فلسفة خَبِرَ الزمن وعرف مقدار الناس وصارع أعتَى العواصف وخرج منها واقفا منتصبا كسنديانة جذورها في أرض الوطن ورأسها في أعلى سماء العالمية.
رحم الله نور الدين الصايل عراب السينما المغربية.".