الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سينما 2020

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان تحديا صعبا إنجاز مهرجانات فنية دولية في مواعيدها لهذا العام، فالجائحة الكونية "كورونا" ضاربة الروح قاصمة الظهر، أفقدت الأماكن عنوان الحياة فيها، صيرتها خاوية على عروشها!، بوح الأنفاس فيها ودبيب الأرجل، في الشوارع والساحات، والمقاهى، والمؤسسات الخدمية،المعرفية والفنية، أغلبها أغلق وقنن فتح أبوابه، لكن مهرجان القاهرة السينمائى الدولي هذا العام، مثل روح المقاومة المعلنة، في مواجهة العدو الشرس، كورونا، السينما في عام 2020، حضر المهرجان معلنا عن أن التعايش حتمى، وفعل الاحترازات إلزامى، وذاك كفيلٌ بأن تستمر الحياة بهكذا هيئة إلى حين لُقاح!.
كنت قبلها خمنت أن مهرجان القاهرة السينمائى سيقام في دورته الثانية والاربعين، وستكون خارطة عروضه محدودة، ومشاهدة الأفلام المشاركة على الجوائز أو العامة ستتحقق على (On line )،ومثلها النقاشات للراغبين، فقليلا ما تحظى جلسات مناقشة الأفلام بحضور يتجاوز الخمسين ممن شاهدوا العرض،وكنت شاهدة على ذلك في دورات سابقة، بعضها مع من حضروا من أسرة الأفلام المشاركة إخراجا أو تمثيلا أو كاتب سيناريو الفيلم،إذ ينحاز أغلب رواد المهرجان إلى الفرجة بمتابعة الافلام بقاعة العروض،وغير ذلك مشاهدة النجوم وإطلالاتهم،وقضاء وقت وسط هندسة المكان المبهرة ببساطها الأحمر.هذا التخمين هو ماجعلنيى أتراخى عن الذهاب لدار الأوبرا هذه السنة،فلثلاث سنوات مضت داومت مبكرا على حيازة جدول عروض الأفلام، كما متابعة أخبار المهرجان عبر الصحف والمواقع الإلكترونية،لأنتظم حسب توقيتها،وأهميتها،وكنت أميل إلى مشاهدة العروض السينمائية للبلدان التى يندر أن أشاهد لها أفلاما بالقنوات الفضائية،تحضر من قارات العالم،كالبرازيل،والأرجنتين،الصين،واليابان،البرازيل،سلوفينيا، بلغاريا،وهولندا،كندا...وغيرها.
وقد شجعتنى رفيقات من عشاق السينما في مهرجانها،أن أنخرط معهن بعد أن خاب تخمينى الرقمى!،وكانت أكثرنا اجتهادا في المتابعة،وجمع المعلومات، الصحفية والمترجمة نادية رفعت،من ألحت على اجتماعنا في يوم الجمعة،اليوم الذى أعقب حفل الختام،لتقليد سنوى يُحسب مكسبا مضافا لإدارة المهرجان، في أتاحة العروض الفائزة بالجوائز للجمهور في مساحة مجدولة على مسارح دار الاوبرا.
حضرنا الفيلم البريطانى "التيه" حاصد جوائز: الهرم الذهبى لأحسن فيلم،وهنرى بركات لمخرجه بن شاروك، والاتحاد الدولى للنقاد،وحين خرجنا من العرض مُعلقات،لفتنا المكان وزوايا الكاميرا، في شتاء تلك القرية الريفية الاسكتلندية،التى احتجز بها طالبو اللجوء الأفريقيون، والأفغانيون، والسوريون.. الفنانون يتبادلون حكاياتهم المُرة،لحين البث في أمرهم،بطل الفيلم "أمير المصري" يحمل صندوق "عُوده" كحقيبة سفر، وهواجس وتحذيرات والده تلاحقه،الموسيقى الذي لايعزف يموت،لكنه يقاوم ويظل محمولا بالأمل،ويُبدع مخرج الفيلم في مشهد اللحظة المُتخيلة،حين يجمعه بشقيقه الذى اختار الانخراط مع فصيل بالحرب السورية، داخل مكان مهجور بتلك الجزيرة،يستحضران بحنين جارف ذكرياتهما المشتركة،قبل أن يتخذ كل منهما قراره ومصيره،المُهاجر والمقاتل!. وبعد فيلم عذابات المهاجرين،ولجنا الفيلم الروسى "المؤتمر" حاصد جائزتى الهرم الفضى جائزة لجنة التحكيم،والتمثيل مناصفة مع الممثلة آلهام شاهين، لبطلته ناتاليا فلينكوفا،كان محور العمل يدور حول الجُرم الإرهابى الذى ارتكب داخل مسرح بموسكو 2002،وقد أهدى الفيلم لضحايا تلك الجريمة المروعة،البطلة تفتتح الفيلم بمشهد حجزها موعد،لقاعة المسرح لإحياء ذكرى تلك الجريمة،الرواة الشهود من نجوا (الرهائن) يستحضرون فقدهم لأحبتهم رفاقهم،لكن البطلة تقدم اعترافا بذنب تركها أبنها وهروبها نافذة بجلدها،ماستعاقبها ابنتها وبقسوة شديدة،تحكم بطردها من البيت،مضافا أليه ثقل تلك المأساة على حياتها.
الفيلم الفلسطينى"غزة مونامور" حاصد التنويه الخاص، وكأفضل فيلم عربي أخراج عرب ناصر وطرزان ناصر،مقاسمة مع فيلم "نحن من هناك" للمخرج وسام طانيوس، كان متميزا بحكاية بطله صياد السمك الذى يتورط في قضية حجزه لتمثال أبوللو،وقد ألتقطه في يوم صيده،لكن الحكاية التى أحتلت زمن الفيلم، عثور بطلها الستينى على شريكة لحياته الخياطة الأرملة،وقرار كسره لوحدته الطويلة، ورغم واقع غزة المُهدد من كيان صهيونى غاصب،يكمل فرحته في مشهد ختامى نموذجا لانتصار حق الحياة، ما حصد تصفيق المتفرجين، الذى قدم تحيته الخاصة وقوفا،لإبداع أبطال الفيلم.