تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
كيف يمكن لهذا العالم أن يثق في مؤسسات دولية شهيرة، روجت لنفسها على مدي عقود، بحرصها على حقوق الإنسان من الاضطهاد والتعذيب والاعتقال غير المبرر، بعد أن رأي بعينيه أكذوبة هذه المؤسسات الدولية، وهي تمنح جوائزها لمن أجرموا في حقوق شعوبهم أو خانوها، ووقفوا كما الأعداء ضدها؟.
فمنذ ما يقرب من شهر، تندلع حرب تستخدم فيها إثيوبيا كل أسلحتها الثقيلة، وطائراتها الحربية، ضد جانب من سكانها أعلنوا رفضهم لسياسة الممسكين بزمام الحكم فيها، بعد أن اضطهدوا قوميات بعينها، لصالح آخرين، فضلا عن رفضهم اجراء الانتخابات العامة في البلاد التي كان مقرر إجراؤها في ٢٩ أغسطس الماضي، إلى أجل غير مسمي بحجة انتشار وباء كورونا.
وكان رفض حكام إقليم تيجراي يرجع، إلى أن قرار تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمي، غير منطقي لأن دولا عدة تعاني من انتشار وباء الكورونا، بشكل أكثر قوة، وانتشارا كما جري في إثيوبيا، لكنها لم تقم بتأجيل أي فعالية انتخابية، كما حدث في أمريكا مؤخرًا، رغم انتشار وباء كورونا في أمريكا بشكل ضخم هو الأعلي في العالم.
ولكن حاكم إثيوبيا - الحاصل على نوبل للسلام - آبي أحمد لم يطق صبرا، على رفض حكام إقليم تيجراي لتأجيل الانتخابات العامة في البلاد، لأجل غير مسمي بسبب هذه الأسباب الواهية التي لم تقنع مواطني الإقليم، الذي يتمتع بنسبة تعليم هي الأعلي في بلادهم، كما يتمتعون بثقافة سياسية، هي الأعلي أيضا بين أقوامهم وقومياتهم، خاصة أنهم كانوا دائما يتولون حكم البلاد إلى وقت قريب.
ولم يكتف صاحب نوبل آبي أحمد بإعلان حرب شرسة، جوًا وبرًا على أبناء وطنه الذين يستحقون الحماية منه، بل قام باستعداء دول مجاورة لكي تساعده في محاصرة شعبه وضربهم بلا هوادة. مثل أوغندا وإريتريا اللذين قاما – بحسب اتهامات واضحة من قادة إقليم تيجراي – بضرب الإقليم بطائراتهم، وقصف المدنيين الذين لم يتمكنوا من الفرار من الإقليم إلى السودان.
الجيش الإثيوبي لم يقم بشن حرب شاملة فقط، على أبناء جلدته في إقليم تيجراي، بل قام بقطع جميع الاتصالات التي تربطهم بالعالم من حولهم، كما منع جميع مراسلي وسائل الإعلام المحلية والعالمية، من متابعة أحداث الحرب، التي ما زالت تدور رحاها حتى الآن، بين الجيش الحكومي وبين أبناء الإقليم، الذين يواجهون حتى هذه الساعة جيشا يحارب شعبه، بكل أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة!
الغريب أن العالم الذي وقف متأهبًا، لقيام الجيش السوري، بمواجهة الدواعش، الذين كانوا يسرفون في قتل المدنيين، المخالفين لهم في الدين، من مسيحيين ويزيديين وغيرهم، لم يأبه لجرائم الحرب التي تدور رحاها في منطقة القرن الأفريقي، على يد صاحب نوبل آبي أحمد.
العالم لم يصمت عندما راح بعض عناصر الإخوان بإثارة القلاقل في ليبيا ضد حكم القذافي وأرسل طائرات الناتو لضربه وسحله وقتله هو وأفراد أسرته ومثلوا بجثته وانتهكوا حرمة الميت وقاموا بعرضها لزيارة أي شامت في واقعة لم يشهدها تاريخ العرب من قبل.
العالم لا يكيل بمكيالين بل يكيل بكيل واحد يمنح من أراد الجوائز والحوافز حتى يحقق مصالحه، وينفذ مخططاته في ضرب الأمن الإقليمي، ولو كان مجرما، ونفس الكيل يعطيه بخسا لمن لا يسير في ركابه ولا ينحني له.
آبي أحمد الذي يقتل شعبه ليل نهار منذ نحو الشهر، وهرب فرارا ما يقرب من ثلاثة أرباع المليون من جحيم جنوده، قام بمنح هؤلاء الجنود حصانة في حال ارتكابهم جرائم السلب والنهب والاغتصاب لكل ما يقع أمامهم من أملاك وممتلكات ونساء أبناء شعبه في إقليم تيجراي، فأصبح من حق أي جندي، من جنود آبي أحمد الحصول على أملاك أبناء الإقليم باعتبارهم غنائم حرب تحل لهم.
هذا العالم يمنح المجرمين جوائز السلام ويمنع عن الوطنيين حق الأمان.