الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

المنظمات الحقوقية المسيسة طعنة لمبادئ حقوق الإنسان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رساله إلى المفوضية السامية، كان هذا هو عنوان المقال السابق والذى كان له مردود كبير فى أوساط مختلفة، حيث أثار كثيرا من التساؤلات، وكنت أتحدث باختصار فى رسالة مختصرة إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أحاول تقديم وجهة نظر مختلفة عن حقيقة وضع حقوق الإنسان فى مصر التى يتلقونها من منظمات مسيسة لصفع مصر وتشويه صورتها، وتحدثت عن آليات عمل تلك المنظمات التى تخالف سياسة الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان وكذلك المبادئ الحقوقية المترسخة، وأن هناك مبالغة وكذبا وتسييسا للملف دون انتهاج منهج التقصى والتحقق من أى معلومة تقدم، وطرحت كيف أن تسييس العمل الحقوقى أصبح يعوق حقوقيين آخرين يبحثون عن الموضوعية فى عملهم دون تطبيل أو تهويل، ودون الدفاع عن إرهابيين أصحاب فكر متطرف ينتهك أى حق للإنسانية، ووجهت رسالة يتجاهلها الكثيرين أن الأزمة الحقيقية للحقوقيين فى مصر هو الرفض الشعبى لهم وللعمل الحقوقى، وأن هناك صورة ذهنية غاية فى السوء عن الحقوقيين لدى الشعب المصرى وشرحت أسباب ذلك...
ولأهمية هذا الملف ولأهميته لدى وطننا، يأتى هذا المقال من المقالات البحثية والاستقصائية وأزمته الذى ستنتهى يومًا ما بعد أن ينتهج الحقوقيون «الموضوعية» دون تطبيل أو تهويل ويتوقف تسيس العمل الحقوقى.
فى البداية سأطرح تساؤلات للتأمل والتمعن؟ هل نحن كوطن، سواء مؤسسات دولة وشعب وكمصلحة عليا للدولة تقتضى أن نهتم بالعالم الخارجى والإعلام الدولى والمحافل الدولية؟ وما هو الرأى العام الدولى والصورة الذهنية عن مصر؟ هل نعيش فى جزيرة منعزلة من العالم؟ وهل لدينا مصالح مشتركة كثيرة مع دول العالم تقتضى صورة ذهنية عن مصر جيدة؟ هل يضر مصر تقرير سلبى كاذب عن حقوق الإنسان فى مصر يتم الأخذ به من قبل اللجان والمقررات الخاصة فى المحافل الدولية، هل فى مصلحة مصر تحسين علاقتها بالأعلام الدولى؟ سأترك لوعى القارئ الأجوبة.
لكنى سأطرح تساؤلات أخرى، هل منظمات المجتمع المدنى المسيسة تستطيع بناء صورة سلبية عن مصر؟ وهل ملف حقوق الإنسان يستطيع التأثير علينا؟ الإجابة نعم.
لذلك علينا المواجهة لكل كذب وتضليل بالموضوعية والصدق، فتستطيع نفى الكذب بقول الحقيقة المحايدة المجردة، وقتها ستكون مسموع وتستطيع مواجهة أكاذيب المنظمات المسيسة.
لكن هذا الحل ليس بهذه البساطة.. علينا أولًا فهم آليات عمل المعنيين بحقوق الإنسان فى العالم وكيف يرى ويعمل العالم الخارجى، فى الأمم المتحدة على سبيل المثال لديها مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان وهى الهيئة الأساسية التابعة للأمم المتّحدة المعنيّة بحقوق الإنسان والمفوضية لديها مقررين للجان خاصة لكل ملف متعلق بحقوق الإنسان، وأهم آليه من آليات العمل لديهم هى الاستعراض الدورى الشامل UPR، وهذا الاستعراض يهمنا ويهم كل دول العالم فهو إجراء استعراض لسجلات حقوق الإنسان لدى جميع الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة، وتهدف إلى تحسين وضع حقوق الإنسان فى كل من الدول الأعضاء البالغ عددها ١٩٣ دولة وتتم مراجعة أوضاع حقوق الإنسان لكى ينتج عن ذلك «تقرير النتائج»، حيث يتم إصدار التوصيات لكل دولة وعلى هذه الدولة أن تقوم بتنفيذها قبل الاستعراض المقبل لعرض موقفها أمام الدول.
تبدأ كل دولة باستعراض تقريرها الوطنى والرد على التوصيات السابقة، بعدها يفتح المجال لباقى الدول أن تصدر توصيات أو تعليق أو تتحدث عن انتهاكات تمس كل ما تم إقراره فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان ومبادئ الأمم المتحدة.
(معنى ذلك أن من حق أى دولة أن تعلق على الوضع الحقوقى لأى دولة وعلى الدولة الإنصات لكافه التعليقات والتوصيات)، ولهذا أوضح للقارئ أن الأزمة ليست مصر وأن الدول الأخرى لها حق فى مواجهتنا والتعليق على وضعنا وهذا لا يعتبر تدخل فى شئوننا كما يظن البعض ، وأن لمصر الحق أيضًا فى إصدار توصيات وتعليقات على وضع حقوق الإنسان تخص أى دولة، ولا يوجد دولة من دول العالم لا يوجد بها انتهاكات كما قلتُ فى مقالى السابق (العالم ليس به مدينة فاضلة يوتوبيا) ولا شىء يعيب مصر، وهناك منظمات حقوقية مصرية ترصد حالة ووضع حقوق الإنسان المذرى فى قطر وتركيا وأثيوبيا وغيرها من الدول، يصدرون التقارير والبيانات «شأننا شأنهم وشأنهم شأننا».
ولكن إلى من يستندون فى الاستعراض الدورى الشامل؟
1 - تقرير وطنى مؤلف من ٢٠ صفحة من قبل الدولة قيد الاستعراض حول وضع حقوق الإنسان فى تلك الدولة.
2 - ١٠ صفحات من قبل مكتب المفوض السامى لحقوق الإنسان يحتوى على معلومات من هيئات المعاهدات والإجراءات الخاصة ووكالات الأمم المتحدة مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائى واليونيسيف.
3 - ملخص عشر صفحات من قبل المفوضية يحتوى على المعلومات من المجتمع المدنى.
وهنا جاء دور منظمات المجتمع المدنى التى تنقل المعلومة من المفترض بعد تحقق واستقصاء بأدلة وبيانات وأرقام.
على مقررين اللجان فى المفوضية السامية أن تتلقى المعلومات من منظمات المجتمع المدني، تلك اللجان لا يهمها من يقدم وما مصادر تمويله، هى تنظر للمعلومات والأرقام التى تقدم إليها، فإذا أخذت بتقرير من منظمه مسيسة كاذبة فهذا يدل على خلل وضعف من منظمات حقوقية من المفترض أن تقدم لهم الحقيقة مطعمة بأرقام وبيانات ومعلومات، ففى كثير من الملفات لا يجد المقررون سوى التقارير المسيسة.
فما ذنب هنا المقرر؟ إذا كانت لم تقدم له معلومات أخرى من منظمات مجتمع مدنى أخرى تقول معلومات أخرى وتقدم له الحقيقة، هنا لا نلوم على المقررين فهم مجبرون عن أن تقرأ وتنصت كل ما يقدم إليها ولا أفضلية لمنظمه دون أخرى أو تقرير دون أخر.
والفاصل هنا هو الأرقام والمعلومات والدلائل والمنظمات المسيسة تتقن الكتابة التى تضمن الحبكة المؤثرة وتتقن عرض وسرد الأرقام والدلائل الكاذبة، والسؤال هنا ماذا يعوق المنظمات الكثيرة الأخرى التى تعمل بموضوعية ولا تنتهج نهج المنظمات المسيسة الغير موضوعية ولا تعمل بمهنية؟
بعد التقصى والبحث وجدت أن هناك صعوبة فى الحصول على المعلومات والأرقام، فحينما يصعب عليها الحصول على المعلومات تكون النتيجة فراغ أمام اللجان الخاصة والمقررين وترك الساحة أمام المنظمات المسيسة.
على سبيل المثال تدعى المنظمات الإخوانية أن عدد السجناء فى مصر ٦٠ألف وعو رقم كاذب تمامًا ولا أعلم من أين استقوا هذه المعلومات حول هذا الرقم فى الوقت الذى أعلم تمامًا أنهم لا يمتلكوا أدوات التقصى والتحقق لإثبات صحة أرقامهم، ولكن هل يكفى أن أقول للخارج والمعنيين بهذا الشأن أن هذا الرقم كاذب أم على تقديم أرقام أخرى وأقوم بتصنيفها (سجناء الجنائى وسجناء الإرهاب وغيرها من التصنيفات) وكذلك أقدم معلومات تفيد أن مصر ليس لديها معتقلون، وأن كل من يلقى القبض عليه يتم معاملته وفق القانون من عرض على النيابة لتقرر بشأنه ما تراه، كما أقدم معلومات مدعمه بأرقام وبيانات عن كل المفرج عنهم بموجب لجان العفو الرئاسية والعفو الصحى وكذلك الأفراج الشرطى فقد تم الأفراج عن الكثير فى السنوات الأخيرة، تتشدق المنظمات الإخوانية بالوضع الصحى للسجناء، فهل يكفى أن أقول أن هذا كاذب أم على تقديم معلومات تفيد بالرعاية التى يحظى بها كل سجين، مثل أى دولة فى العالم (هل سمعتم عن دولة ليس بها سجناء؟) ونقدم عدد العمليات الجراحية التى قام بها السجناء وغير ذلك من معلومات..
هذا هو دور منظمات المجتمع المدنى الحقيقى إذا كانت تريد أن يكون لها دور على الساحة الدولية وألا تترك الساحة أمام المنظمات المسيسة وعليها بذل مجهود للتقصى والتحقق والحصول على معلومات ولكن على مؤسسات الدولة أن تسهل الحصول على تلك المعلومات وأن تخلق قنوات اتصال لتدفق الحقيقة حتى يتسنى للمجتمع المدنى تقديم وعرض الحقائق مدعمه بدلائل فيصبح للحقيقة تواجد على الساحة الدولية وينحصر دور المنظمات المسيسة غير المهنية، فالحقيقة والأرقام هى التى ستواجه بها تلك المنظمات المسيسة التى تتفن فى الكذب والتضليل.
لن يستمر كذبهم كثيرًا وعلى منظمات المجتمع المدنى أن تبذل كثيرا من الجهد والتقصى لتقديم الحقيقة وعليها وأن تتقن طرق عرض المعلومات وعلى مؤسسات الدولة أن تساعدهم وتدعمهم بالمعلومات.... وإلى مقال مقبل بإذن الله.