منذ الأزل خلق الله آدم.
وآدم هو أبوالإنسان بالمطلق. وإذا كان آدم هو الأب الأول للإنسانية كلها هنا يكون الإنسان بالمطلق ابنا لآدم أي أن الإنسان كل إنسان هو بالدم والنسب والسلسال والانتماء يكون أخو الإنسان لأنهم جميعا أبناء لآدم، وهذا النسب وذاك الانتماء يتمثل فى الطبيعة الإنسانية التى تختلف عن الطبيعة الحيوانية والنباتية.. الخ، كما أن الإنسان وبطبيعته الإنسانية كان الله قد فضله وميزه عن سائر المخلوقات بالعقل، بل إن الله حبا في هذا الإنسان قد سخر له كل المخلوقات التى أعدها لهذا الإنسان قبل أن يخلقه، ولحكمة إلهية تتسق مع طبيعة الحياة الإنسانية وحتى تستمر الحياة نتيجة لجهاد وعمل ورؤية وفكر الإنسان وحتى يكون للحياة طعم ويكون للعمل إنتاج وللفكر قيمة وللجهاد نتيجة وحتى يكون هناك فارق وفرق بين الصح والخطا وبين الخير والشر وبين العدل والظلم وبين الأخيار والأشرار كانت حكمة الاختلاف. فكان هناك ولصالح هذا الإنسان هذا الاختلاف فى الدين والشكل واللون والجنس والنوع.الخ، وذلك حتى يكون للحياة هدف وللمعيشة مذاق، فلن تكون حياة بوجه واحد ولا برؤية واحدة ولا بجانب واحد من هذه الثنائية، فبهذا الاختلاف وبتلك الثنائية استمرت وستستمر الحياة، وهذا يعنى أن الإنسان والإنسانية كانت قبل الأديان وقبل القيم والأخلاق والعادات والتقاليد والصراعات والحروب، ولذا فعندما أراد الله هداية الإنسان حتى تكون لحياة هذا الإنسان معنى وجوهر كانت الأديان،مطلق الأديان،سواء أطلق عليها أديان سماوية أو أديان وضعية، فجاءت هذه الأديان مشتركة ومشاركة فى هداية الإنسان ورسم طريق الخير والنهى عن طريق الشر،وهذا أيضا كان ولا زال لصالح هذا الإنسان، ولكن بالرغم من ذلك وبدلًا من أن تكون هذه الأديان هادية وناصحة ومدعمة ومؤسسة للقيم والأخلاق والمبادئ،بل بدلًا من إن تكون هذه الأديان متحاورة ومتكاملة لحكمة التعددية في إطار عبادة الإله الواحد، للأسف أصبح الفكر الدينى لهذه الأديان، أى فكر البشر فى تفسير النص الدينى فى حالة صراع يتناقض مع جوهر الأديان ومقاصدها العليا ليس تنفيذا لجوهر أي دين، بل تبريرًا لهذا الصراع القائم، وكان هذا الصراع نتيجة لحب الذات ولخلط الدين واستغلاله لتحقيق مصالح شخصية حولت المسمى الدينى بسماحته وقبوله للآخر إلى رفض الآخر كل آخر، وفى ظل هذا الصراع الحياتى والذاتى والشخصى والقبلى والسياسى والاقتصادى..الخ،نسى وتناسى الإنسان الإنسانية وأسقط وتجاهل ما يربط الإنسان بأخيه الإنسان،ذلك الرباط الأزلى والأبدى الذى لا تنفصم عراه إلا بانتهاء الإنسان والإنسانية. فلماذا سار الإنسان والإنسانية في مسار الخط الواحد وليس فى المسار الثنائى ؟ لماذا حول الإنسان الاختلاف الدينى في إطار الدين الواحد وهو عبادة الله الواحد إلى صراع دينى وليس تكاما دينيا كما أراد الله ؟ لماذا تناسى الإنسان روابط الإنسانية ليس للقريب في الأنساب البعيدة بل للقريب الحالى والحال مثل الأخ والأخت والأب والأم؟
لماذا هذه الصراعات وتلك الحروب وكل هذه المواجهات التى يزهق فيها الإنسان روح أخيه فى الإنسانية؟ ولمصلحة من؟ وهل يزهق الإنسان روح أخيه الإنسان من أجل الإنسان؟ هنا هل أدركت أيها الإنسان أنه بالرغم من كل تلك الصراعات والحروب والمواجهات فأخيرا لا يتبقى غير الإنسان والإنسانية الجامعة، فعند الحروب تتوارى الإنسانية ويغيب الإنسان وتحدث الكوارث ويدفع الإنسان الثمن فى ذات الوقت وبالرغم من ذلك يجلس المتحاربون فى شكل مفاوضات تصل إلى التوافق والاتفاقيات التى يمكن أن تتحول إلى ائتلافات بل إلى اتحادات. هنا فهذه هى الإنسانية التى تتجاوز الأديان والثقافات والعادات والتقاليد بل والصراعات والمواجهات والحروب. فهل تعى أيها الإنسان أن رباط الأخوة الإنسانية هو الرباط الوحيد الذى يضع الخلاف والاختلاف فى مكانه الصحيح بعيدا عن التعصب والتطرف والمغالاة التى لا تجنى منها الإنسانية غير الشر والخراب والتخلف؟، والأهم هو أن الإنسانية بالرغم من ذلك الصراع تظل هى الجامع والمنتج لهذه الحضارة الإنسانية التى تقدم كل الخير والنماء والتقدم للإنسان،حيث تعيش الإنسانى فى ظل حضارة متقدمة بتقدم الخدمة للإنسان، ولكن أهم الأهم هو كيف يحافظ ويسعى الإنسان إلى تقديم ما يمكن تقديمه إلى أخيه الإنسان،وحتى ننعم جميعا بحب الخالق لنا لا بد من أن نحب بعضنا البعض الآخر. حمى الله الإنسان والإنسانية من شر الإنسان.