تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
قام الخبراء بتقييم مدى نجاح الإعلام المصرى فى استخدام استراتيجيات اتصالات الأزمة؛ حيث يمكن القول إن استراتيجية ملتقى الطرق كانت الأكثر استخدامًا من قبل الإعلام المصرى وفقًا لاستجابات أغلب الخبراء تليها استراتيجية الصالح العام فاستراتيجية المشاركة والمسئولية، ثم استراتيجية التريث وعدم التورط، وأخيرًا استراتيجية الاستجابة، وفيما يلى نستعرض تفاصيل هذه الاستراتيجيات، والتى توصلت لها الدراسة المهمة التى أجرتها د. أسماء فؤاد حافظ مدرس الإعلام بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية.
كانت استراتيجية ملتقى الطرق الأكثر ظهورًا بتغطية الإعلام المصرى للأزمة، وقد أشار الخبراء إلى أن تطبيق الإعلام لهذه الاستراتيجية ارتكز على بعض الآليات التى تم اتخاذها من الأسس النظرية لهذه الاستراتيجية مقابل آليات أخرى لم يتم تنفيذها أو كان هناك قصور فى تطبيق الإعلام لها وفقًا لآراء الخبراء، فشملت الآليات والإجراءات التى تم اتخاذها بشكل جيد من قبل الإعلام المصرى بشأن الأزمة: إدارة الأزمة إعلاميًا بشكل متوازن إلى حد ما من قبل إعلام الدولة والإعلام الخاص، معالجة تأثير الأزمة على العملية التعليمية، التركيز على الآثار الاقتصادية للأزمة، تناول الأوضاع العالمية المترتبة على الأزمة، اللجوء إعلاميًا لشخصيات مؤثرة فى قطاعات جماهيرية كبيرة، توضيح طبيعة الخطر ومحاولة تقديم إجابات عن الأسئلة الغامضة.
بينما اتفق أغلب الخبراء على عدم الاعتماد على مصادر متعددة ذات تخصصات متنوعة تساهم فى إقناع الجمهور على اتخاذ اللازم، حيث كان الاعتماد على مصادر مكررة، وهو ما جعل التغطية تبدو مملة وغير مقنعة فى أحيان كثيرة، كما أشار الخبراء إلى أن تغطية الأزمة من قبل الإعلام المصرى لم تكن متكاملة وواضحة وافتقدت فى أحيان كثيرة للمصداقية والموضوعية، ولم تنجح فى تسليط الضوء على جميع جوانب الأزمة.
وبالنسبة للإجراءت التى شملتها استراتيجية الصالح العام فقد أشار عديدٌ من الخبراء بشكل عام إلى قيام وسائل الإعلام المصرية بتنظيم حملات توعوية للتعامل مع أعراض المرض حال ظهورها، بينما رأى عديدٌ من الإعلاميين والصحفيين والأكاديميين أن وسائل الإعلام نجحت فى تنظيم حملات توعية موجهة للمواطنين حول كيفية التعامل مع المرضى. كما رأى عديدٌ من الخبراء أن وسائل الإعلام استطاعت أن تنظم حملات إعلانية هادفة لتحسين صور بعض المهن وبشكل خاص مهن القطاعين الطبى والشُرَطى، وبشكل أقل أكد بعض الصحفيين والإعلاميين والخبراء أن هذه الوسائل نجحت فى استعراض الآثار الإيجابية للأزمة على الترابط الاجتماعى، بينما أكد أغلب الخبراء أن وسائل الإعلام لم تنجح فى بداية الأمر فى تنظيم حملات توعوية للتعامل مع الأطقم الطبية، بل أنها أثرت سلبيًا فى البداية على سبل التعامل معهم من قبل المواطنين، إلا أن الأمر اختلف بعد ذلك بمشاركة الوسائل سواء التقليدية أو الإلكترونية، وتم استعراض عدد من القصص الإنسانية الرائعة فى هذا السياق كخطوة تشجيعية لتغيير سبل التعامل مع الأطقم الطبية.
وقد نجحت وسائل الإعلام المصرية فى تشجيع المواطنين وحثهم على المشاركة فى القيام بدورهم فى المسئولية الاجتماعية لمواجهة الأزمة، فى حين انقسم الخبراء حول مدى إتاحة هذه الوسائل فرصة ومساحة كافية للجمهور لعرض أوجه التعاون سواء الفردية أو الجمعية، إلا أنه يمكننا القول إن الميل كان يرجح عدم إتاحة هذه الفرصة للجمهور، وهو ما جعل مكانها البديل بطبيعة الحال وسائل التواصل الاجتماعى، حتى أن بعض وسائل الإعلام كانت تعرضها نقلًا عن وسائل التواصل الاجتماعى كتغطية فقط دون إتاحة الفرصة لمزيد من المبادرات الجماهيرية للمشاركة فى مواجهة تلك الأزمة.
وتم الاستدلال من مراجعة استجابات الخبراء على أن استراتيجية التريث وعدم التورط كانت أقل استخدامًا من قبل وسائل الإعلام المصرية مقارنةً بغيرها من الاستراتيجيات الأخرى خاصةً فى بداية الأزمة، فرغم أن عديدًا من الخبراء أكدوا أن هذه الوسائل نجحت بشكل كبير فى رصد الشائعات ونفيها ونشر الحقائق البديلة، إلا أن أغلبهم أشاروا إلى عدم استطاعتها نشر المعلومات الإيجابية والبيانات التى تدعو للتفاؤل بشكل جيد، وكذلك عدم التركيز على السلوكيات الجيدة والأفعال الإيجابية على نطاق واسع، بل قامت بأداء عكس ذلك تمامًا فى بداية تناولها للأزمة؛ حيث اتخذت آلية التخويف والترهيب فى رسائلها ومضمونها بوضوح، وأثارت الفزع بين المواطنين.
كذلك أشار القليل من الخبراء إلى أن وسائل الإعلام المصرية كانت تميل فى بادئ الأمر إلى إحداث التوازن بين عرض الآثار السلبية للأزمة والتنبؤات بإمكانية اجتيازها "وهو ما لم يرجحه أغلب الخبراء من الأكاديميين، بينما أيده العديد من الصحفيين والإعلاميين"، بينما أجمع الخبراء على افتقاد عناصر الشفافية والفورية والآنية فى تداول المعلومات والأخبار الصحيحة من قبل أغلب وسائل الإعلام المصرية فى تغطيتها للأزمة خاصة فى بداية حدوثها، إضافة إلى مبالغتها فى الاعتماد على استمالات التخويف بشكل ملحوظ.
وتضمنت استراتيجية الاستجابة أربع آليات للتعامل مع الأزمة، أكد الخبراء بإجماع الآراء على نجاح وسائل الإعلام المصرية فى أحدها فقط، ألا وهى آلية الاستعانة بالمتحدثين الرسميين للجهات المختصة والاعتماد عليهم كمصادر رئيسة لنقل معلومات وأخبار دقيقة، فى حين افتقدت هذه الاستراتيجية تنفيذ بعض البنود كالاستعانة بمصادر متعددة ومتنوعة تتيح التعرف على جوانب الأزمة بشكل أفضل، واتخاذ شكاوى المواطنين على محمل الجد ومعالجتها بشكل واقعى، واستخدام رسائل تقدم المعلومات المتكاملة للجمهور.