الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ساعة القدر يُعمى البصر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

احترس، لا تستخدم الموبايل خلال القيادة.. إذا أردت أن تعرف السبب، فأستأذنك أن تقرأ المقال بنوعٍ من الاهتمام.

*****

اتصلت بي صديقتي تؤكد موعدنا في اليوم التالي، وتسألني أن أمر عليها بسيارتي لأن سيارتها في ورشة التصليح، بعد أن هشمها ابنها تماما، وهو يقودها منذ أسبوع، عندما انشغل بالموبايل عن التركيز في القيادة، فانقلبت به السيارة على الطريق ونجا من الحادثة بلطف الله بعد أن خرج منها ببعض الكدمات، ورغم تعاطفي معها فإنني استأت من تهور ابنها، وعدم اهتمامه بنصائح أمه، وأيضا بعدم إلقائها اللوم عليه بوضوح بعد أن كاد يخسر حياته نتيجة إهماله
وعلى الجانب الآخر، فإنني كثيرا ما كنت أرافق ابنتي في مشاوير بسيارتها فأجدها تتفحص هاتفها، وتجيب على رسائل الماسينجر بأصابع اليد الواحدة، فأتشاجر معها وأخبرها أن حوادث الطريق تحدث هكذا في ثانية، وألومها على جرأتها وعنادها عندما تطمئنني بأنها تستطيع التركيز في عدة أشياء في آن واحد ولا تبالي بنصائحي المبالغ فيها من وجهة نظرها، حتى جاء يوم واتصلت بي ابنتي لتخبرني أنها اصطدمت بسيارة نقل على طريق السويس، وأن سيارتها تهشمت من المقدمة وأن المتواجدين بالمكان ساعدوها على الخروج من السيارة بسلام واتصلوا بالونش ليقطرها وأوصلوها مشكورين إلى مستشفى قريبة من البيت لأقابلها هناك، وبعد عمل الأشعة اللازمة للتأكد من عدم وجود إصابات داخلية، عرفت منها أنها كانت تكتب رسالة على الموبايل فانزلق الهاتف من يدها على أرضية السيارة وفي أقل من ثانية مالت لتلتقطه فوجدت نفسها مصطدمة بقوة في السيارة النقل التي أمامها. 
بعد كل هذا، وأول ما رأيتها كنت سأصرخ بها وألومها وأذكرها بعدد المرات التي حذرتها فيها من كل ما حدث، لكن لساني انعقد ولم أجرؤ أن أؤنبها، كل ما شغلني وقتها أن أتحسس جسدها ووجهها بنفسي؛ لأتأكد أنها بخير وأضمها إلى قلبي وأحمد الله على سلامتها، فقد مزقني بكاؤها وهي ترتجف وأعراض الصدمة واضحة عليها حين ارتفع ضغطها بشكل سريع ومخيف، كل ما فعلته حينها أنني احتضنتها وأخذت أقبلها بين الحين والآخر لتستكين وتطمئن.
وقتها شعرت بما أحست به صديقتي من ذعر وهي تحكي لي عن حادثة ابنها، ولُمت نفسي بشدة أنني لم أشعر بما تعانيه بل استأت أنها لم تفكر في توجيه اللوم له، فكثيرا ما نتخيل أننا لن نواجه مثل هذه الموقف في يوم من الأيام، وسنظل ننصت لحكايات الناس من بعيد دون أن ننخرط فيها، وأن مصائبهم لن تطالنا، متناسين أن عجلة الحياة تدور علينا جميعا وأنه لا بُدّ وأن تمسنا تلك العجلة في وقت ما وبطريقة ما وحينها سنصبح أبطالها، ولن نكون في مقاعد المتفرجين، فالأجدى أن نلتمس الأعذار للآخرين ولا نقسو حتى على من أخطأ، فساعة القدر يعمى البصر ولا تصلح معه أية نصائح أو توجيهات.