الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أسماؤنا أمن وثقافة وإرث اجتماعي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وفقا للترتيب المتبع في تدوين الأسماء في شهادات الميلاد، فإن هذا يعني أن أسماء العائلات والألقاب ستختفي تدريجيا من الأسماء الكاملة للغالبية من المواطنين، مع مرور السنوات، وعندها تصبح هناك حالة من التشابه في أسماء الناس، الأمر الذي يعني الدخول في مشكلات قد تكون أمنية في أغلبها وفي جانب مهم اجتماعي.
والحقيقة التي بدأنا نراها أن أسماء الألقاب والعائلات ستختفي لا محالة، وسيصبح السؤال وقتها، من المسئول عن تلك هي الحقيقة التي نراها هذه الأيام في أرقام بطاقات الرقم القومي وما يترتب عليها في كل بطاقات تحقيق الشخصية، والوثائق الرسمية وغير الرسمية، والتي ستؤدي لمشكلات عديدة، ولا حصر لها، وتنتهي إلى أسماء أفراد بلا معني.
مصطفى محمد مصطفى السيد هذا اسم موجود في فصل دراسي أربع مرات وفي شركة 7 مرات، ولو بحثنا ربما نجده مئات المرات على مستوى الجمهورية، وهناك عشرات بل مئات الأسماء مثل هذا الـ"مصطفى محمد".
قبل سنوات حدثت مشكلة في مطار القاهرة كنت عائدًا من الخارج، وأوقفنا ضابط الجوازات، للاشتباه في اسم إبني الأصغر، والذي كان وقتها لا يتعدي السنوات العشر، وعلى مدى أربع ساعات يتم البحث، عن الحقيقة "الخطيئة"، وفي النهاية، اقتنع الموظف الأمني بتشابه الأسماء، ولم يقتنع أن هذا الطفل متهم في قضية خطيرة متهم فيها الشخص الآخر.
وأتذكر حادثًا مماثلًا لشخص قريبي وهو عائد من السعودية فقد تم حجزه لوجود اسمه على قائمة الترقب والوصول، وظل يومين في التحريات، وفي النهاية ظهر أنه تشابه أسماء، لدرجة أن الشك انتابنا جميعا، وكدنا نصدق التهمة، لولا اتضح أن التشابه في الأسماء بنسبة مائة بالمائة، ولولا اسم الأم لثبتت التهمة.
المشكلة حاليا ليست بالحجم الكبير، ولكن ربما تصبح معضلة في السنوات المقبلة مع حالة الالتباس والتشابه التي ستزداد مع الوقت واختفاء أسماء العائلات والألقاب من الاسم الرباعي للمواطنين، ولابد من إيجاد حل، فلماذا لا تبقي الجهات المختصة في الأحوال المدنية على الاسم الأوضح الذي يميز كل اسمه عن غيره، بدلا من حالة الاستسهال التي يتبعها الموظفون، سواء بتعليمات أو بدون تعليمات، ليصبح الاسم رباعيًا لأول أربعة أسماء.
أعتقد أن المسألة بسيطة، وليست معقدة بهذا الذي يظهر من الموظفين، واجهت هذه المشكلة عند تسجيل أسماء أولادي وأحفادي، وحتما واجهها كثيرون غيري، وناقشت الموظفين بأن هذا في حد ذاته حماية للمواطن، والحفاظ على إرث اجتماعي وإنساني، بل هناك أبعاد أمنية أعلى للوطن لمثل هذه الأمور.
ولكن هيهات فالبيروقراطية سيدة الموقف في أي حوار، وعقليات الموظفين تقف عند حدود معينة، مهما كان ترتيبهم الوظيفي، رغم أن هذا التمسك تترتب عليه أمور كثيرة.
لي ابن صديق هاجر للخارج، وحصل على جنسية البلد الذي هاجر إليه قبل سنوات، وظل لسنوات لم يزر البلاد، وعندما عاد في زيارة لأهله، وطبعا معه جواز سفر الدولة الأجنبية التي يعيش فيها، وجواز سفر الأجنبي اكتفي بالأسماء الأربعة الأولى، وتم استبعاد الاسم الأخير "العائلة"، وأبدى الندم أنها جاءت لزيارة أهله، على حجم المعاناة التي واجهها، وكان من الممكن ألا تحدث، لو في شهادة الميلاد، تم الإبقاء على اسم العائلة، أو اللقب الأخير، واستبعاد اسم أحد الجدود. 
عودة اسم العائلة هو الفيصل في الوثائق الرسمية حل مهم جدا لتجنب العديد من المشكلات التي يمكن أن تحدث، ولتجنب حالة الأسماء التي لا معنى لها، والتي لا تفرق بين من هو رفيق نجيب بطرس مينا "إسكندر"، ورفيق نجيب بطرس مينا "حنا"، وأسامة محمد إبراهيم إسماعيل "الدسوقي"، وأسامة محمد إبراهيم إسماعيل "الشناوي".
ابحثوا الأمر بجدية، فالقضية ليست مجرد أسماء، بل أكبر بكثير من مجرد حروف تشكل في النهاية اسم، بل هي في مجملها، قضية أمن مواطن ووطن، وثقافات وإرث اجتماعي طويل بحاجة من يلفت إليه للحفاظ عليه.