تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
كنا نقطع المسافات نأكل لحم الطريق، الذي كان طويلا ووعرا برغم الخطوات التي عًدت عليه منذ بداية الخليقة، لم نسأم من إعادة قراءة اللافتات وإعادة الحكايات إذ لم يعد بإمكاننا إنتاج أخرى جديدة بعدما وقفت عقارب الساعة وتجمد الزمان.
قفز الذئب أمامنا من أرض لأخرى مستأنسا بنباح الكلاب فلم يعد بينهما ذاك العداء، إذ فيما يبدوا تغيرت طبائعهم وتغير قانون الغابة فباتوا أصدقاء بعد سنوات من المطاردة والاقتتال، اتفقوا على عصيان الراعي الذي لم يعد يهتم بحماية قبيلته.. فتعلمت الكلاب الكسل وكثر تثاؤبها واختارت أن تقاسم الذئاب في الضحية، ذلك أفضل لها من منة الراعي بالفتات.
منذ متى تغير قانون الغابة يا صديقي؟.
سؤال طرحته عليه وهو يقذف الذئب بالحجارة ويضحك.
ويجيب منذ أن قمنا نحن بانتحال صفاتهم زيفا وخضنا في أعراضهم بغير حق.. وتبنينا منطق الحمير وأحببناهم ووضعنا على ظهورهم أسرجة الخيل وعلى رؤوسهم تيجان الأسود.
ربما.. لا بل تأكيدا فعلنا نحن ذلك بالغابة.
كرهنا الذئب وهو أولى بالحب وصمناه بالعار والتحرش والخيانة وهو ماليس فيه.. أعجبنا وفاء الكلاب لنا ونسينا أنا الذئاب أوفياء لجنسهم.
نعم.. نعم يا صديقي لقد قرأت أن الذئب بارا بوالديه فهو يصطاد لهم في الشيخوخة ولا يتزوج غير مرة واحدة ومحرم عليه معاشرة المحارم.
أليس الذئب أولى بالتبجيل؟ لماذا إذا عاديناه واخترنا صحبة الكلاب!.
وهو المطارد طيلة الدهر بجرم أكل يوسف وهو لم يفعلها.
أظن أن خطيئته كانت في هروبه كل تلك السنوات وعدم محاولته درء التهمة عنه، حتى بعد اعتراف أخوة يوسف لم يرد له اعتباره.
ربما رأى في التهمة اختلاف.. أو وجد أنه لا جدوى من التبرير فاختار الوحدة.. غلبته عزة النفس عن التودد لبقية الحيوانات وإتيانه موضع الذل والضعف.. رفض أن يكون كلبا مستأنسا أو أسد يناطحه الصغار من خلف سياج.
إذا فلتكن ذئبا يا صديقي فذلك أكرم من لهث الكلاب.