طوال التاريخ هناك ما يسمى بالأغلبية والأقلية القبلية أو الجهوية أو العرقية أو الدينية ...إلخ ، ودائما ما يكون هناك صراع بصورة أو بأخرى بين الأغلبية والاقلية خاصة قبل أن يكون هناك هذا التطور فى العلاقات وقبل ظهور العلوم السياسية التى توصلت إلى العقد الاجتماعى والدستور والقانون والحريات وحقوق الإنسان ، ومع ذلك ونتيجة لبقايا الموروث من العادات والتقاليد والأفكار الحاكمة فى الضمير الجمعى الشعبوى ، لازالت الصراعات والاحتكاكات والتمحكات تظهر عند ظهور ووجود موقف يمس اى اقلية أو أغلبية ،خاصة إذا كان هذا الموقف يمس الجوانب الدينية ، ولأن الدين اى دين يمثل لمعتنقيه قمة المقدس الذى يجب الحفاظ على تقديسه ، هنا تكون النتيجة التصعيد الموضوعى وغيرالموضوعى من أصحاب هذا الدين الذى تمت الإساءة إليه أو إلى رموزه المقدسة ،ليس فى إطار الدولة التى تمت فيها الإساءة فقط ولكن فى كل مكان يوجد فيه معتنقى هذا الدين ، بل فى المقابل تتم الاساءة الى الدين الاخر الذى ينتمى اليه الذين اساءوا، فتتحول الإساءة من هنا وهناك إلى الأديان ذاتها، والأهم أن ردود الأفعال هذه تتم دون تعقل أو روية ،مسقطين كل الروابط التاريخية والعرقية التى تربط الأغلبية والاقلية خاصة فى الدول التى تتشارك فى العرق والجنس والتاريخ والامل والمصير والمثل الواضح والأمثل هنا مصر . هنا نقول الأغلبية والاقلية فى مصر يا سادة ليست اقلية جنسية أو عرقية ولكنها اقلية عددية لا يفرق بينها لا الدستور ولا القانون . المسلمون والمسيحيون المصريون فى أوربا اقلية جنسية لا ينتمون إلى الجنس الاوربى ( إذا جاز هذا التعبير) ، ولكن هم مصريين عرب تجنسوا بجنسية الدولة الأوربية التى يعيشون فيها ،ولكننا هنا شعب واحد فالمصريون المسلمون والمسيحيون هم مصريين لا يفرقهم جنس أو عرق فهم يشتركون فى حياتهم المصرية بنسبة تسعة وتسعين فى المائة، فهم الذين كانوا يدينون بالديانة المصرية القديمة وهم الذين اعتنقوا المسيحية عندما جاء بها مرقص الرسول وهم أيضا الذين اعتنقوا الاسلام عند دخوله مصر، هنا اختلفت الأديان بين مسلم ومسيحى ولكن ظلت وستظل المصرية باقية بقاء الزمان، فالمصرى المسيحي أقرب إليه المسلم المصرى من اى مسيحى فى العالم، لأن مصيرنا وامالنا وتاريخنا وعاداتنا وتقاليدنا وتراثنا الشعبى الممتزج بالتراث الدينى واحد، والشخصية الحضارية المصرية تشكلت وتمحورت حول التاريخ المصرى الواحد ، فالحقبات التاريخية المصرية والتى هى صناعة وحضارة وفكر كل المصريين من الحقبة الفرعونية مروراً باليونانية والرومانية والقبطية وصولاً إلى الحقبة الإسلامية ،هذه الحقبات بما فيها من فكر ونهضة وحضارة وعادات وتقاليد هى التى شكلت تلك الشخصية الحضارية المصرية. ولذلك مع الاختلاف الدينى فهناك التأثير المباشر لكل حقبة من هذه الحقبات فى هذه الشخصية ، فالمصرى المسلم متأثر بالحقبة القبطية والمصرى المسيحى متأثر بالحقبة الإسلامية بل نحن نعيش بالفعل تلك الحقبة من خلال العادات والتقاليد والتاريخ والتراث. فهل هنا نتعامل سويا وكأننا شعبين لا شعب واحد وإن اختلفت الديانة ؟ الصراع يا سادة فى الغرب يستغلون فيه زوراً وبهتاناً الدين الاسلامى فى مواجهة المسيحى لأغراض استعمارية طوال الوقت، ولكننا هنا شعب واحد يرمز كل منا بدينه الذى يقبل الآخر لأننا نؤمن أن الأديان تتكامل بإرادة الاهية، فنحن مصريون قبل الأديان ومصريون بعد الأديان ومصريون الى آخر الزمان . حفظ الله مصر وشعبها الواحد.
آراء حرة
مصريون لآخر الزمان
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق