الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رؤية الخبراء للتناول الإعلامى لأزمة كورونا (1)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
واجه العالم بأسره أزمة جائحة كورونا، والتى برز دور الإعلام في إدارتها بالتزامن مع التزام كثيرين بالبقاء في منازلهم لفتراتٍ طويلة، ونظرًا لأن هذه الأزمة العالمية برز بها عنصر المفاجأة إلى حدٍ كبير؛ فقد ظهرت بعض التغطيات والمعالجات بوسائل الإعلام المصرية في حالة تناقض وتخبط وارتباك خاصةً في بداية تغطية الأزمة على المستويين الدولى والمحلى، الأمر الذى كان ملحوظًا للغالبية العظمى من أفراد الجمهور، ولكن الأمر اختلف بعد ذلك من قبل بعض الوسائل الإعلامية، فالتفت بعض العاملين بمجال الإعلام إلى أن الأزمة عالمية وتحتاج لمعالجة أكثر مهنية واحترافية.
لذا كان من المهم اللجوء للخبراء المتخصصين في بعض المجالات لتقييم التناول الإعـلامى لأزمة فيروس كـورونا في مصر من جانب آخر، إضافة لرصد رؤاهم حول استراتيجيات اتصالات الأزمة وكيفية توظيفها في تغطية الأزمة، وكذلك لمعرفة تصوراتهم المستقبلية حول سُبُل إدارة الأزمات إعلاميًا بفاعلية ونجاح.
وفى ضوء ارتباط هذه الأزمة بصحة البشر، وتصاعد الشعور العام بالخوف؛ كان لا بد للإعلام المصرى من القيام بدور فعال في إدارة الأزمة بشكلٍ متوازن، وأن تكون له توجهات واضحة تتسم بالشفافية والمصداقية للمعالجات الإعلامية للأحداث والمعلومات المرتبطة بهذه الأزمة، خاصةً مع اعتبارها جائحةً صحية عالمية أثرت على دول العالم كافة، وهو ما يُبرز أهمية الدراسة التى قامت به تلميذتى د. أسماء فؤاد حافظ المدرس بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية عن التناول الإعـلامى لأزمة فيروس كـورونا في مصر من خلال رؤية 75 خبيرًا لاستراتيجيات اتصالات الأزمة، وينتمى هؤلاء الخبراء إلى الأكاديميين والممارسين للعمل الإعلامى علاوة على الخبراء في علم النفس وعلم الاجتماع والقانون والعلوم السياسية.
وتوصلت الدراسة إلى نتائج مهمة في مجال رصد الدور الفاعل لوسائل الإعلام المصرية في تناول أزمة كورونا؛ فبالنسبة لترتيب وسائل الإعلام المصرية كفاعل اتصالى له تأثيره في إدارة الأزمة أوضحت الدراسة أن الخبراء أجمعوا على أن وسائل الإعلام المصرية تأتى بعد وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها فاعلًا اتصاليًا أساسيًا له تأثيره ودوره في إدارة الأزمة لدى الجمهور، بينما أكد 26،7% من الخبراء أن وسائل الإعلام المصرية تعتبر الفاعل الاتصالى الأساسى المحرك للأزمة، في حين أشار 18،7% من الخبراء إلى أن وسائل الإعلام المصرية تأتى في المرتبة الأخيرة من حيث تغطيتها للأزمة وإدارتها لها إعلاميًا؛ إذ رأوا أنها قامت بدورها بشكل أقل من وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الأجنبية والعربية.
أما عن أفضل وسائل الإعلام المصرية من حيث مدى النجاح في تغطية الأزمة وإمداد الجمهور بالأخبار والمعلومات والبيانات، فأبرزت الدراسة تأكيد 61،3% من خبراء الدراسة أن القنوات التلفزيونية الفضائية الخاصة تحتل المرتبة الأولى يليها المواقع الإلكترونية الإخبارية (41،3%)، فالصفحات الرسمية لوسائل الإعلام والمؤسسات الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي "وبشكل خاص الصفحات الرسمية لكل من رئاسة مجلس الوزراء، ووزارة الصحة والسكان والمتحدث الرسمى لها" (40%)، ثم مواقع الصحف الخاصة (36%)، ليتضح أن هذه هى أبرز الوسائل التى أدارت الأزمة إعلاميًا من وجهة نظر أغلب خبراء الدراسة.
بينما أجمع الخبراء الأكاديميين بتخصصاتهم المتباينة على تأخر مواقع الصحف القومية عن غيرها من الوسائل الأخرى، حيث رأى 13،3% فقط من خبراء الدراسة أنها قامت بدور ما في تغطية الأزمة، وأخيرًا جاءت الإذاعة بنسبة بسيطة (2،7%)، في حين غابت الصحف الورقية بشتى أنواعها عن المشهد تمامًا من وجهة نظر جميع خبراء الدراسة باختلاف تخصصاتهم.
وبالنسبة للأدوار والخطوات التى أداها الإعلام المصرى في مواجهة الأزمة وإدارتها، كشفت الدراسة عن اتفاق غالبية الخبراء على أن الأدوار الإيجابية البارزة لوسائل الإعلام المصرية في إدارة الأزمة تمثلت في اعتبارها حلقة الوصل الرئيسة بين المسئولين والجمهور، وأنها قامت بالتعبئة العامة وحشد الجمهور ونشر الوعى بين أفراده وشرح الإجراءات الاحترازية قبل وأثناء الأزمة، إضافة إلى نفى الشائعات المتداولة بين الجمهور، وإعلان الحقائق وإزالة الغموض، كما قام الإعلام المصرى بنقل خبرات التعامل مع الأزمة من الدول الأخرى بشكلٍ جيد، واستعرض الإعلام جهود القوى الفاعلة المختلفة لمواجهة الأزمة وإدارتها، وكذلك ساهم الإعلام في شرح وتبسيط القرارات الاقتصادية التى اتخذتها الدولة جراء الأزمة.
وبالنسبة للأدوار السلبية للإعلام المصرى في الأزمة، فقد تمثلت في اتفاق 50،7% من الخبراء على أن الدور السلبى الأبرز لوسائل الإعلام المصرية خلال تغطيتها لهذه الأزمة تمثل في التهوين من الأمر في بداية الأزمة مما أثر سلبًا على تعامل المواطنين معها، كما أشار الخبراء إلى أن دور الإعلام كان منقوصًا وترك مساحاتٍ فارغة وفرصًا لبث الشائعات، كما ساهم التناول الإعلامى للأزمة في نشر الخوف من الأطقم الطبية من قِبَل البعض في مرحلةٍ ما، وهو ما تم تداركه لاحقًا من قبل وسائل الإعلام بعد التماس نتائجه السلبية على أرض الواقع. واتفق بعض الخبراء على أن معالجة الإعلام المصرى للأزمة أدت إلى نشر الخوف والفزع بين المواطنين، وتسبب في تعقيد تفاصيل الأزمة وعدم وضوح الرؤية لدى الجمهور، وساهم الإعلام كذلك في تصدير المشاهد السلبية وإبرازها على حساب الإيجابيات، وقام بتهويل الآثار الاقتصادية المترتبة على القرارات المرتبطة بالأزمة قبل اتضاح معالمها.
وللحديث بقية.