لم يتبق الكثير من الوقت على رحيل إدارة ترامب من البيت الأبيض، وعلى الرغم من قلق العالم العربي إزاء إدارة بايدن ولكن لا أجد سببًا لقلق مصر من تلك الإدارة الجديدة أو المُعاد إنتاجها ! فبايدن ظل نائب الرئيس السابق أوباما طيلة الثماني سنوات.
فكما أن الولايات المتحدة الأمريكية لديها ثوابت سياسية في التعامل مع الشرق الأوسط، مصر أيضًا لها كيان وثقل وثوابت في التعامل مع دول العالم أجمع.
ولكن ما تمُليه علينا السياسة أن ندرك سمات وخصائص تلك الإدارة الجديدة، فهناك سمات تبدو واضحة ؛ وهى أن إدارة بإيدن ستهتم أكثر بالشئون الخارجية وذلك للسنوات التي شغلها بايدن في الكونجرس رئيسًا للجنة العلاقات الخارجية على عكس ترامب الذي كان متأثرًا بفكر رجال الأعمال وكان هدفه جعل الاقتصاد الأمريكي الاقتصاد الأول في العالم مما كان سببًا في كثير من الصراعات بين واشنطن وبكين ! والتزم بكل الوعود التي قطعها على نفسه في حملته الانتخابية بعودة رؤوس أموال الشركات التي هربت إلى المكسيك وحماية حقوق الملكية الفكرية للمنتجات الأمريكية.
ولذا من المتوقع أن تكون توجهات بايدن سياسية خارجية من الطراز الأول وليست اقتصادية.
أمّا عن العلاقة ببلادنا، فبلادنا اليوم ليست مصر عام 1978 إبان حرب أكتوبر، فهي الآن بالطبع أقوى عسكريًا واقتصاديًا وأمنيًا، فالهدف ليس في قيمة المنحة قدر ماهو رغبة مصر في تنويع مصادر السلاح وتبادل الخبرات العسكرية بينها وبين الدول العُظمى.
ولا أعتقد أن مصر ستفشل في الحفاظ على العلاقات المصرية الأمريكية خاصة في مجال التسليح والتدريب واستكمال المناورات التدريبية واكتساب مهارات أكثر خاصة وأن تصنيف الجيش المصري ارتفع كثيرًا.
ربما لن تكون العلاقة جيدة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، ولكن الدولتان في حاجة لبعضهما البعض فأمريكا تحتاج البترول والسعودية تحتاج أمريكا في التسليح والتكنولوجيا ولذا لا أجد أفضل من مصر وسيطًا بين البلدين وذلك لما تنعم به مصر من علاقات طيبة مع المملكة السعودية وتقدير واحترام من قبل الملك وولى العهد للرئيس السيسي.
سيعتمد بايدن على نائبته كاميلا هاريس في حل المشكلات الداخلية التي تتعلق بالعنصرية العرقية، التي اشتعلت بعد مقتل " جورج فلويد"، وربما ستتبع إدارته أسلوب حساب الجميع على حقوق الإنسان ومجال الحريات ولكن هنا لا بد أن يطلع بايدن على قاموس مصر في حقوق الإنسان قبل أن يتغنى بشعارات حقوق الإنسان العقيمة، فمصر قالت كلمتها، حقوق الإنسان الحقيقية هي أن يحيا المواطن في دولة تنعم بالاستقرار والتنمية وأن يكون على دولته حق محاربة الإرهاب.
وفى كل الأحوال تستطيع مصر أن تقيم علاقات جيدة مع أي إدارة تشغل البيت الأبيض لأنها دولة قوية ورصينة.