تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
يسرى الجزار: أهلا بيك.. أنا اسمى يسرى الجزار بفكر فى بناء مبنى سياحى فى شكل جديد وغير موجود مثله فى القاهرة، وعاوز آخد رأيك خصوصا بعدما شاهدت العمارة المجاورة التى تقوم ببنائها الآن.
المهندس نعوم: أوى أوى.. بس قوللى تفصيلات أكثر إيه شكل المبنى السياحى المطلوب.. هل يكون على شكل هرم من الخارج وبداخله يصمم مساحات وفراغات لتقديم خدمات سياحية أم إيه بالضبط؟
يسرى الجزار: بصراحة أنا أفكر أن أبنى مبنى على شكل برج يرتفع لعدد من الأدوار بحيث يحتوى على عدة فراغات لتقديم بعض الخدمات السياحية وأهمها إمكانية الإطلال على القاهرة من جميع الاتجاهات الأصلية وبحيث يستطيع كل من يرتاده أن يقضى وقتا ممتعا يتمكن من خلال النظارات الموسعة والمعظمة متابعة تفاصيل أهم المعالم السياحية فى القاهرة كالقلعة، وأهرامات الجيزة ومجرى النيل الذى يشق العاصمة بالإضافة إلى المعالم السياحية الأخرى.
المهندس شبيب: أوى أوى بس دا هيحتاج إلى دراسة فنية تستغرق بعض الوقت حتى نصل إلى شكل التصميم النهائى للبرج، وعلى فكرة تكلفته عالية جدا.. بس أنت ماقلتليش عن المكان.. عاوز تبنى فين هذا البرج؟ هل عندك مكان محدد أم نفكر سويا فى اختيار مكان مناسب.
يسرى الجزار: والله أنا بفكر فى مكان رائع، أنا كنت منذ أسبوع فى زيارة عند أحد أصدقائى وهو بالمناسبة مهندس زراعى وهو مسئول عن متابعة الـ(Land Escape) للحديقة المجاورة لقصر النبيل عباس حليم فى منطقة جزيرة الزمالك. والمكان هناك أكثر من رائع وبفكر أن يكون مكان هذا البرج هناك.
المهندس نعوم: وقد شده ما سمعه من الجزار واستغرق فى تفكير عميق وهو يحرك قلما فى يده ثم اعتدل فى جلسته على نحو يوحى بقبوله الفكرة مبدئيا، وأومأ برأسه وعلى الفور امتدت يده إلى جرس استدعاء الساعى الموجود فى صالة المكتب والذى حضر على الفور. فوجه له المهندس نعوم أمرا بالنزول إلى بدروم العمارة حيث يوجد (مخزن) خاص للمهندس نعوم وطلب منه إحضار «كتل عينات الصلصال» الموجودة على أحد الأرفف داخل المخزن، وأمضى نحو عشر دقائق ثم حضر العامل ومعه إطار من الخشب مقاسه نحو 45 سم x 30 سم بداخله كتلة من الصلصال موضوعة داخل صندوق الخشب على شكل كرة دائرية وخلال هذه الفترة تساءل الجزار: هل طبيعة التربة فى هذه المنطقة يمكن أن يقام فيها هذا المبنى؟
وأجاب المهندس نعوم: عشان كده.. أنا باعت أجيب لوحة الصلصال.. فهى ستجيب بصفة مبدئية عن هذا التساؤل.
ثم بدأ المهندس نعوم يقوم بعجن وتسوية قطعة الصلصال الكبير حتى باتت مستوية تماما فى مساحة الصندوق الخشبى، ثم فتح مكتبا واستخرج قلم رصاص جديدا وقام برشقه فى وسط لوحة الصلصال على عمق معين وأخذ يراقب بنظره أى تداعيات لهذا الرشق.. فبعد ثوان لاحظ أن القلم بدأ يميل لأحد الأجناب ثم استقر القلم مائلا، فبدأ محاولة جديدة أخرى بأن قام بإعادة إعداد لوحة الصلصال وأضاف لها كمية أخرى من الصلصال بهدف زيادة سمكها وعمقها فى الصندوق الخشبى وقام بإعادة رشق القلم مرة أخرى على عمق أكبر وتبع ذلك محاولة ثالثة ورابعة بعد إجراء عدة تعديلات فى كل مرة بعضها تتناول مدى عمق الرشق وبعضها الآخر تناول مدى زيادة تكثيف الأجناب، وهكذا حتى بدأ القلم أخيرا عند رشقه فى الصلصال قد اتخذ مركزا ثابتا عموديا لا يميل إلى أى جانب.
وانتهى هذا اللقاء الذى رتبه القدر على غير موعد بين الجزار والمهندس شبيب الذى قدم نموذجا رائعا فى حب مصر بإعلانه أنه لن يتقاضى أتعابا عن هذا العمل.
وقال المهندس نعوم: أنا أفضل أن يكون الشكل الخارجى على شكل زهرة اللوتس وهى الزهرة التى كان يفضل قدماء المصريين استخدام شكلها فى بناء معابدهم ومقابرهم التاريخية.
وبناء على اتصال تليفونى مسبق التقى فى موعد لاحق مع المهندس نعوم شبيب فى مكتبه ودار بينهما الحديث على النحو التالى:
يسرى الجزار: مهندس شبيب هل ما زلت على رأيك فى إمكانية تنفيذ مشروع البرج السياحى؟
المهندس نعوم: نعم بل أنا متحمس له جدا جدا.
يسرى الجزار: إذن ابدأ الآن فى تلقى جميع طلباتك فى مرحلة التحضير لبدء المشروع.. ثم أخرج بلوك نوت وقلما من جيبه وبدأ يكتب.
وبدأ المهندس نعوم شبيب يتحدث: حددوا المكان بالضبط، وللعلم البرج سيكون له بالضرورة منشآت سياحية خدمية أخرى تقام على الأرض ملاصقة له ليكون مشروعا متكاملا، وعلى الفور يتم تحديد المساحة الكلية للمشروع ويتم تجهيزها وإحاطتها بسور من الخارج يمنع الاقتراب منها أو دخولها تمهيدا لدخول المعدات الخاصة بالمشروع.
المشروع سيستلزم توريد كميات كبيرة من الأسمنت على مدى مدة تنفيذه التى لن تقل بأى حال من الأحوال عن أربع سنوات قادمة، وبالتالى لا بد من توافر ضمانة لاستمرارية مد المشروع بكميات الأسمنت التى تتطلبها مراحل البناء.
المادة الأساسية فى البناء ستكون من «أحجار الجرانيت» وهذا الاختيار هو الأفضل بكل المقاييس الفنية والمعمارية ولكنه مكلف للغاية لكونه يوجد فقط فى منطقة أسوان، وخلى بالك أنا ليه اخترت حجر الجرانيت؛ لأنه الذى ظل باقيا عبر الزمان منذ أن استخدمه المصريون القدماء فى بناء معابدهم ومقابرهم، ويجب أن يتم الاتفاق مع مورد من محاجر أسوان ليقوم بتحضير الكميات التى سيحتاجها المشروع وبالمقاسات التى سنحددها له، ولا بد من إحضار عينة من حجر الجرانيت لأطلع عليها قبل أن تتعاقد. وأيضا يجب أن تتوافر ضمانة لاستمرارية نقل هذه الخامة من أسوان إلى الموقع فى القاهرة على مدى سنوات البناء.
ألف تحية نعوم شبيب ومهندسى مصر.