الجائحة ما زالت قائمة والفيروس ما زال ينشب أنيابه في أجساد الناس بلا هوادة فبعد حالة هدوء نسبى في الصيف الماضى عاد الفيروس لينتقم من البشرية بضراوة مع قرب قدوم الشتاء.
ويمكننا أن نتوقع ونحن على مشارف فصل الشتاء أن تزداد أعداد المصابين بفيروس الكورونا أضعاف ما كان لدينا في العام الماضى؛ نظرا لأن الفيروس كان قد وصلنا في آخر مارس الماضى، بعد أن كان فصل الشتاء يستعد للرحيل، تاركا الساحة لدفء الصيف الذى يضعف فيه نشاط فيروس الكورونا نسبيا.
وفى العام الحالى فإننا نبدأ فصل الشتاء، ومعنا ضيف ثقيل الظل، سريع العدوى، وشديد الانتشار ولذلك فمن المتوقع أن تزداد حالات الإصابة أضعاف ما كان موجودا في الموسم الماضى، خاصة بعد تخلى الكثير منا عن حذرهم، واحتياطاتهم الصحية التى كانوا يلتزمون بها في بداية دخول الجائحة العام الماضي.
وفى حالة عدم الانضباط التى تعيشها بعض مدارسنا ومؤسساتنا التعليمية الآن بدأت تظهر حالات بسيطة من مصابى الكورونا لدى التلاميذ، مما اضطر بعض أولياء الأمور إلى منع أبنائهم من الذهاب إلى مدارسهم، خوفا من نقل العدوى إليهم، وأصبح كثير من مدارسنا خاليا بعد أقل من شهر على بدء العام الدراسي.
والجائحة التى كشرت عن أنيابها مبكرا للعالم كله هذا العام أكثر من العام الماضى، سوف تنهك العالم صحيا واقتصاديا أضعاف ما جرى العام الماضى، خاصة في ظل تأخر اكتشاف لقاح آمن للمرض، وعدم توافر دواء فعال له في القريب المنظور. حتى بعد إعلان شركة فايزر المفاجئ الأسبوع الماضى، عن قرب الانتهاء من اعتماد لقاح الكورونا.
ولكن العالم ليس في مقدوره تحمل فاتورة اقتصادية إضافية، تزيد من كساده مزيدا من الكساد، وتضاعف من أوجاعه الاقتصادية التى لم تشف بعد من آثار ما أصابها من كساد العام الماضى، ولذلك فيجب التعايش مع الفيروس في الفترة المقبلة، بأقل قدر ممكن من الخسائر الصحية والاقتصادية.
ومصر أيضا تستعد لتحمل فاتورة إضافية، تثقل من أعبائها الاقتصادية، خاصة أنها في سباق مع الزمن، لتجاوز هذه المرحلة الصعبة، التى تؤسس فيها لبناء اقتصاد قوى وبنية تحتية، تمكنها من استيعاب طموحات المستقبل.
والتعايش مع الجائحة يتطلب عددا من الاشتراطات الصحية، التى نستطيع من خلالها الحفاظ على صحة المواطن، وعدم توقف عجلة الاقتصاد، وتأخر مصالح الناس في نفس الوقت، وتنفيذ قواعد الوقاية بحسم وعزم مثل التباعد الاجتماعي والالتزام بارتداء واقى الوجه "الكمامة" في الأماكن العامة، وعدم السماح بإقامة فعاليات أهلية أو حكومية تتسبب في الازدحام بين الناس دون ضرورة تقتضى هذا.
العالم لن يوقف الحياة كما حدث بشكل جزئى في الشتاء الماضى، ففاتورة الغلق وتوقف الاقتصاد باهظة التكاليف، ويجب علينا أن نتخذ أعلى درجات الحماية والوقاية، حتى نعبر هذه الأزمة الصحية العالمية بسلام وأمان صحى واقتصادي.