توصلت دراسة د. سهير عثمان عبد الحليم رئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة الأهرام الكندية إلى جملة من النتائج المهمة؛ ففيما يتعلق بحرص المؤسسات الصحفية على تقييم الأداء المهنى للصحفيين بشكل دورى، لم تكن استجابات عينة الدراسة لهذا الأمر واضحة بشكل مطلق، حيث تضاربت الإجابات بين حرص المؤسسات على تقييم الأداء بشكل دوري وبين تراجع هذا الدور في بعض المؤسسات الصحفية. وظهر هذا الحرص من خلال الحديث عن طبيعة هذا التقييم والذى ظهر أحيانًا في شكل تقرير شهرى يقدم من الرئيس المباشر للصحفى لرئيس التحرير، وأحيانًا أخرى في شكل تقرير سنوى يُقدم مباشرةً لرئيس مجلس الإدارة، وكانت هذه الإجابات متعلقة بشكل أساسى بعينة الدراسة من الصحف والمواقع الإلكترونية الخاصة، فيما تراجع الأمر لدي المؤسسات القومية.
وفيما يتعلق باستخدامات الصحفيين لمواقع التواصل الاجتماعي، تشير عديدٌ من الدراسات إلى تعاظم الدور الذى تلعبه هذه النوعية من المواقع في حياة الصحفى اليومية سواء الشخصية أو المهنية، وظهر من خلال متابعة عينة الدراسة لمضامين صفحات ومجموعات محددة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتحديدًا "فيسبوك"، وجاءت الصفحات والمجموعات التى تناقش القضايا الاجتماعية في مرتبة متقدمة من اهتمامات الصحفيين، ثم تلاها الصفحات والمجموعات السياسية ثم الصفحات الساخرة، وجاء في المرتبة الرابعة الصفحات المهتمة بالشأن الصحفى، وهو ما تهتم به الدراسة الحالية، وجاءت صفحة "جرائم في الديسك" في مقدمة الصفحات التى يتابعها عينة الدراسة وهى صفحة تهتم في المقام الأول بعرض الأخطاء الجسيمة التى ترتكب في بعض الصحف المصرية والمواقع الإلكترونية الحكومية والخاصة، وهى صفحة – تري الباحثة – أنها تصب في تحقيق الهدف الرئيسى من هذه الدراسة وهو الوقوف على دور هذه النوعية من الصفحات في تقييم الأداء المهني للصحفيين وتصحيح بعض الممارسات اللامعيارية، ثم جاء في مرتبة ثانية صفحة "اكتب صح"، وهي صفحة تهتم بمساعدة الصحفيين والإعلاميين والطلاب ومحبّى اللغة العربية ومتعلميها، على تلافي الأخطاء الإملائية والنحوية والأسلوبية الشائعة، والكتابة بلغة سليمة وراقية خالية من العيوب، وهو أمر يحتاجه كل من يعمل في مهنة الصحافة، خاصةً أن إهمال المراجعة اللغوية والأسلوبية للمادة الصحفية قد تؤدى إلى حدوث كوارث وأحيانا بلبلة للرأى العام.
وانعكست متابعة عينة الدراسة لصفحات تقييم الأداء المهنى على استخداماتهم لهذه النوعية من الصفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أكدت نسبة كبيرة من عينة الدراسة أن أبرز استخداماتهم تكمن في التعرف على الأخطاء المهنية التي يرتكبها زملائهم في الصحافة المصرية، ثم جاء بعد ذلك التعرف على طرق أسلوبية جديدة في التحرير الصحفى واكتشاف زوايا جديدة للمعالجة الصحفية، واتسقت هذه النتيجة مع الثقة المرتفعة التي تتمتع بها المضامين المنشورة عبر هذه الصفحات بموقع "فيس بوك".
وفيما يتعلق بالتفاعلية عبر هذه الصفحات، أكدت عينة الدراسة من الصحفيين العاملين في الصحف القومية والحزبية والخاصة وبعض المواقع الإلكترونية، أنهم يتابعون التعليقات ويهتمون بالتعليقات السلبية في كثير من الأحيان، خاصة ان هذه النوعية من التعليقات قد تلفت نظر البعض إلى أخطاء يمكن تداركها مستقبلًا، بالإضافة إلى أن التعليقات السلبية بوجه عام تظهر مدي متابعة الجمهور الدقيقة للمضامين الصحفية المنشورة في وسائل الإعلام المختلفة، كما أكد البعض أيضًا حرصهم على التواصل مع مسئولى الصفحات لمناقشة بعض الموضوعات المتعلقة بالأخطاء المهنية المنشورة والتجاوزات من قبل بعض الصحفيين تجاه زملائهم، بالإضافة إلى مناقشة بعض الحلول العملية للنهوض بمهنة الصحافة والارتقاء بمستوى الممارسات المهنية.
وعن مستقبل هذه النوعية من الصفحات في ضوء الممارسات المهنية اللامعيارية، أكدت عينة الدراسة أن هذه النوعية من صفحات تقييم الأداء تعد منبرا افتراضيا لتقييم أداء الصحفيين لبعض البعض، وبالتالى قد تستمر في المستقبل لفترة معينة لأنها تقدم مضمونا ملائمًا لتطوير أداء مهنة الصحافة.
وتتخذ تأثيرات اللامعيارية على الصحفيين صورًا نفسية واجتماعية وفقًا لرؤية أحد خبراء الإعلام من بينها الإحساس بالمعاناة والظلم وغياب العدل الذى يدفع إلى السلبية واللامبالاة والانعزالية وفقدان الثقة والانتماء والهروب من المسئولية والواجبات، والحد من التطلعات وضعف الرغبة في التطور وقد يصل الأمر إلى فقدان المعنى أو المغزى من العمل الصحفى برمته، بل وفقدان الأمل في مستقبل المهنة ومكانتها.
وقد يؤدى ذلك أيضًا كما يذهب د. صابر حارص إلى التصالح مع حالة اللاقيم واللامعيارية التي تدفع إلى التمركز حول الذات والمصالح الشخصية، واستخدام أساليب غير مشروعة لتحقيق الأهداف كالانتهازية والوصولية والأنانية وغيرها من صور الصحفى المنحرف الذى يصل به الحال لحد الخواء الروحى والسخرية من زملائه الملتزمين، والتمرد أو التطرف في الالتزام بالمعايير، أو التجديد والابتكار والإبداع لمحاولة الاختلاف والتميز عما هو سائد في الوسط الصحفى.