خلال الأيام الماضية، شاهد وراقب العالم كله الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فماذا حدث فى أمريكا عنوان الديمقراطية وحامية حقوق الإنسان والتى تسيطر وتهزم وتسحق الدول تحت مسمى حماية الديمقراطية والمحافظة عليها؟
شهدت الانتخابات الأمريكية هذا العام أكبر نسبة مشاركة منذ قرن على الأقل، حيث أدلى 160 مليون أمريكى بأصواتهم مع تقدير نسبة مشاركة بـ 66/9 فى المائة فى مقابل 59/2 فى المائة فى 2016 وحصل المرشح الديمقراطى على أكثر من 71 مليون صوت وهو أكبر عدد يحصل عليه مرشح رئاسى فى تاريخ أمريكا، والأهم ماذا حدث وما هى الصورة العامة الحاكمة لهذه الانتخابات؟ قال ترامب (إنها الانتخابات الأكثر تزويرًا فى تاريخ الولايات المتحدة)، كما أنه لجأ هو وأعضاء حزبه الجمهورى إلى رفع دعاوى تزوير فى المحكمة العليا، ويرد بايدن ويقول: (إن ترامب ينوي تزوير الانتخابات الأمريكية) فى الوقت الذى يصرح فيه رئيس بعثة منظمة الأمن والتعاون الأوروبى لمراقبة الانتخابات الأمريكية ويقول: (مزاعم لا أساس لها للرئيس ترامب حول حدوث عمليات غش وتزوير)، أما على مستوى المناخ والفعل الجماهيرى للجماهير الأمريكية التى تمارس الديمقراطية، كان هناك مظاهرات حاشدة فى أغلب الولايات من أتباع ترامب تتهم العملية الانتخابية بالتزوير قائلين: (إنهم لن يمكنهم الوثوق ببلادهم مرة أخرى!! وأن نزاهة نظام الانتخابات الأمريكية أصبحت تهدد أسس الجمهورية الدستورية) كما أنهم قد اتهموا الدولة العميقة والمؤسسة السياسية الفاسدة (لا تنسى نحن فى أمريكا)، أما الشارع الأمريكى فهو فى حالة غليان غير مسبوقة، اجتاحه المظاهرات وسادته الاعتقالات للمتظاهرين، والأهم والأنكى أننا سمعنا ونسمع فى أمريكا عن (طرد المندوبين... التحرش بالأسلحة... الأصوات الشرعية... التزوير.. الخ)!!.
هذه يا سادة الصورة المثلى للديمقراطية الأمريكية التى تتباهى بها أمريكا علينا والتى تريد طوال الوقت أن تفرضها علينا وإلا يتم توقيع العقوبات التى وصلت بالفعل إلى سحق دول (نموذج الربيع العربى).
ولكن ليست هذه هى القضية، فللأسف الشديد لا يزال العالم العربى تحديدا يتابع هذه الانتخابات على أرضية من القادم؟ فهناك من تمنى ترامب هناك من حلم ببايدن وكأن هذا أو ذاك هو الذى سيكون الحاكم الفعلى لأوطاننا العربية!! أما فى مصر فنجد هناك من كان يخاف من نجاح بايدن باعتبار أنه كان نائبا لأوباما ذلك التابع لجماعة الإخوان وكأنه عند مجيئه سيأتى بهم!!.
هنا نقول إنه بقراءة بسيطة للتاريخ لا يوجد اختلاف استراتيجى بين هذا وبين ذاك، فكلا الحزبين مع أمريكا أولا ومع المصلحة الاستعمارية الأمريكية مهما تنوعت الأساليب واختلفت الأشكال الاستعمارية، هنا هل حمى أوباما الإخوان عندما أسقطهم الشعب المصرى فى 30 يونيو؟ العبرة يا سادة فى استقلال القرار الوطنى، إضافة للدور العربى والإقليمى والدولى الذى يمكن أن تقوم به مصر وتستعيده مرة أخرى، والأهم هو تأثير هذا الدور فى المصلحة الأمريكية. وهذا لن يكون بغير إرادة وصلابة وقوة الشعب المصرى الذى يحمى مصالحه ويحافظ على استقلاله، فلنتذكر موقف العالم بعد يونيو وموقف العالم من مصر الآن، حفظ الله شعب مصر وجيشها قوية مستقلة لكل المصريين.