السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

نهر الكونغو

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الأمر يتطلب أن ندق الأجراس بعد أن وصل عدد السكان لأكثر من ١٠٠ مليون مواطن، وهو ما يستوجب مضاعفة كمية المياه الواردة إلى مصر، لنحو أربع مرات تقريبا، وهو ما يصعب توفيره بتحلية مياه البحر، أو إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي.
فحتي لو استطعنا تثبيت حصة مصر المائية، من نهر النيل، التي تبلغ نحو ٥٥ مليار متر مكعب، ونفقد منها نحو خمسة مليارات في البخر والتسرب في باطن الأرض والبحر، فإن معدل المياه المتبقي يمثل الحد الأدني لنصيب الفرد بحسب ما هو متفق عليه عالميا، وهو ٥٠٠ متر مكعب في العام، في حين أن المعدل العالمي لنصيب الفرد هو ألفي متر مكعب.
ورغم أن مشروع تحويل جزء من مياه نهر الكونغو إلى النيل في مصر، يعد مشروعا عملاقا بكل المقاييس، إلا أنه مشروع يستحق أن تضعه مصر في قمة أولوياتها، لأنه مشروع يمس حياة المصريين، ويتعلق بوجود وطن يحمل خلفه إرثا حضاريا، عمره آلاف السنين، كما يرنو لمستقبل مشبع بالأمل، ومفعم بيقين، لا يقل ازدهارا عن الماضي العريق.
ولأن المميزين من زعماء هذا الوطن الكبار، قد حرصوا على أن يتركوا بصمتهم على صفحة مياه النيل السمراء، فيقيني أن مصر التي قيض لها الله زعيما بنًاء بحجم الرئيس عبدالفتاح السيسي، سيكون لها نصيب من بصمة هذا الزعيم، لكي ينفذ مشروعه العملاق، الذي سيحول أرض مصر الصحراء،إلى واحة من جنة خضراء.
فإذا كان محمد على قد شق الترع والرياحات في ربوع مصر، وبني بها القناطر الخيرية، التي قللت كثيرا من كمية المياه المفقودة في البحر، فقد حرص عبدالناصر على بناء السد العالي ليحمي مصر من سنوات الجفاف والفيضان ويروض غضب النيل، وكان السادات أول من حاول أن ينفذ مشروع تحويل مجري نهر الكونغو فعليا قبل أن يتم اغتياله.
ولا يمكن أن يكون عبدالفتاح السيسي أقل وفاء للنيل ولمصر من سابقيه العظام، خاصة مع التطور الكبير في الأدوات الهندسية والميكانيكية، وآلات الحفر العملاقة، التي يمكنها إنجاز المشروع بطريقة أسهل كثيرا، من الطريقة التي كان ينوي الرئيس السادات العمل بها، منذ أربعين عاما أو يزيد.
ونهر الكونغو يعتبر ثاني أطول الأنهار في العالم وأعمقها وأوسعها حوضا، وأكثرها غزارة. هذا النهر العظيم يتدفق بعنفوان ٤٠ ألف متر مكعب في الثانية، وتندفع مياهه داخل المحيط الأطلسي إلى عمق من ٣٠-٦٠ كلم، بحيث يُهدر فيه سنويا أكثر من ألف مليار متر مكعب من المياه العذبة تذهب هباء، وهي كمية تكفي كل القارة الأفريقية وتحول أرضها جنة خضراء.
وكان المشروع قد طرح أول مرة عام ١٩٠٢. وخلال القرن الماضي تجدد طرح الفكرة مرات عدة، إلا أن مصر أجلت تنفيذه لأسباب مختلفة وفكرته تقوم على أساس توصيل قناة اصطناعية لمسافة نحو ٦٠٠ كلم، بين شرق نهر الكونغو لتصل إلى النيل الأبيض، في جنوب السودان، ومن هناك ستغذي نهر النيل بكمية مياه وفيرة، تكفي مصر والسودان لآلاف السنين، وحسب تقديرات الخبراء سيوفر المشروع لمصر ٩٥ مليار متر مكعب من المياه سنويا، ما يسمح بزراعة ٨٠ مليون فدان، وتزداد كميات المياه خلال ١٠ سنوات لتبلغ ١١٢ مليارا، تسمح بزراعة نصف الصحراء الغربية. ودولة الكونغو مرحبة جدا بتنفيذ المشروع خاصة أنه سيمنحها طاقة كهربائية عملاقة ستجعلها المصدر الأول للطاقة في أفريقيا بطاقة كهربائية تبلغ ١٠ أضعاف طاقة السد العالي أو تزيد ستستفيد منها كل دول المنطقة، إضافة لمشاريع صحية وبنية تحتية تشمل أيضا جمهورية جنوب السودان، وأفريقيا الوسطى التي ستمر منهما القناة.
ورغم حماسي الكبير للمشروع العملاق إلا أن هذا الحماس لا يجب أن يجعلنا نتساهل في قطرة مياه واحدة من المياه التي تصلنا عبر هضبة الحبشة. فهذا حق تاريخي أصيل، لا يجب التقصير فيه بأي وجه من الوجوه.
ما لا تحتاجه هو تشتيت الأصدقاء أو الأقارب أو الزملاء، وعليك أن تحدد هدفك وتنفذ خططك بحزم.