مزاجي ليس على ما يرام منذ أمس وأنا أتساءل كيف ضاق كل هذا العالم برحابته على «روسو» حتى أنه لم يجد من تحبه.
ذلك الفيلسوف المثقف أحد أهم الكتاب التنويرين.. الذي نقب في صباه عن مشكلات «ديدرو» الرومانسية ليتلاشاها ويكون له نصيبا من الحب.. 45 عاما وروسو يبحث عن الحب ولم يجده.
.. كيف هذا؟
يقول عم موافي ضاحكا ومجيبا على هذا السؤال: «ركب الأتوبيس الغلط»، وفي محاولة لانتزاع المعنى من بين سحب الدُخان التي تخرج كأبابيل متفرقة من بين أسنانه تشبثت بجملته وقلت له: «إزاي يا عم موافي؟»، استند بظهره على جذع التوتة العتيقة وكأنه مارى لومنييه سيُضيف فصلا آخرا لكتابه «الفلاسفة والحب»: «بص يا أستاذ إنت يا غلباوي المال نعمة والعيال زينة والصحة نعمة كل الحاجات الكويسة في الدنيا نعمة تيجي لك ليا لروسو بتاعك أو لومنييه جايز، لكن الحب لأ الحب هبة لأنه من روح الواهب لازم ابتلاء ثم انتقاء ثم اصطفاء ثم منح.. حرمان ثم عطاء.. تكبيل ثم حرية».
إيه الكلام الكبير ده يا عم موافي إنت طلعت فيلسوف كبير أوي.
لكن يا عم موافي تخيل «روسو» وهو يرسل لنفسه خطابات غرامية مختومة بختم البريد ويظل يقرأها والدموع تنسال على وجهه، أليس في كل هذا العالم من رأت روحه فسكنتها أو حتى تصدقت عليها ببعض العبارات؟ أم أنه كان يبحث عن أمر خارج إدراك من قابلهن من نسوة!.
آه حيرني تعريف الحب ما بين تدافع نسوة المدينة على يوسف وإعراضه وبين خطابات روسو الزائفة واختلاف الفلاسفة على تعريفه.
لكنه حتما كان صفحة في كتاب الزمان تم طيها.. أو ربما كان شئ ما واندثر أو روح تلاشت قبل أن يغرق هذا العالم في السطحية والمادية.
كم تمنيت أن أُشارك روسو في قراءة خطاباته وأبكي معه لكن حتى تلك الخطابات بحثت عنها في كل مكان فلم أجدها!.. ربما يكون أخذ قرارا بحرقها فلا أحد يستحق أن يقرأها ولو كان لكان أرسلها إليه.
إنني أفهم كيف لكن لا أدرك لماذا؟