"ما أجمل أن يجتمع البحاثة والخبراء من أجل قضايا النساء في الوقت الذي شهدنا فيه فنانات من العالم العربي يستنكرن وجود قضايا مهمة تخص المرأة!! وما أروع أن يكون الإصرار على التباحث حول أزمات المرأة في شتى المجالات ومحاولة الخروج بحلول ومقترحات وتوصيات للقيادات السياسية والمستثمرين تعينهم على تلبية احتياجات نصف المجتمع! هذا ما اهتم به "منتدى النساء والاستثمار" الذي عقد عبر تطبيق "زووم" بالتعاون بين منتدى المستثمر العربي العالمي برئاسة الأمين العام له أ.نظيم محمد الصباح مع منظمة المرأة العربية التي ترأسها د. فاديا كيوان بحضور العالم المصري الأمريكي فاروق الباز.
رغم أن إنجازات المرأة ليست بالجديدة ووجودها منذ أن خلق الله آدم كان ضروريًا لاستمرار الحياة ولا يمكن تهميشها أو الإقلال من شأن إسهامها، ولكن يصر البعض على قهر المرأة وحرمانها من تقلد المناصب العليا القيادية وجعلها الماكينة التي تدور وتنتج بينما يديرها رجل، وهي عقلية بلا شك نابعة من مجتمعات ذكورية رجعية تخشى التقدم، بل إن بعض الأسر المصرية مع الأسف حتى الآن تحرص على تعليم الصبية تعليما فائقا بينما لا تنفق على تعليم الفتيات باعتبار أن "مسيرها لبيت جوزها.. هي تتعلم بس عشان تنفع عيالها!!".
السيدة عبير شبارو إبراهيم، نائب رئيسة الهيئة الوطنية لشئون المرأة اللبنانية ذكرت نسبا خطيرة ألا وهي أن 42% من نساء العالم لا يستطعن الحصول على الوظائف، ناهينا عن الفجوة الكبيرة في الأجور بين الرجال والنساء.
أ.نجلاء البيطار الباحثة في مركز أبحاث الشرق الأوسط مؤسسة جمعية وطن لخدمة اللاجئين السوريين أوضحت أن نسبة النساء العاملات في المهن الصحية تتراوح بين 50-70% في منطقة شمال أفريقيا، وتصل نسبة النساء في هيئة التمريض إلى نحو 90% في بعض الدول ورغم هذا، فلا تشغل المرأة سوى 25% من المناصب العليا في القطاع الصحي! هذا أحد المجالات فما بالنا بالبقية؟!
منذ عدة أشهر لاحظنا تأثير أصوات النساء على السوشيال ميديا كأداة تمكين حققت ما لم تتمكن من تحقيقه خطط قصيرة الأجل وطويلة المدى وغيرها، واستطاعات النساء والفتيات الحصول على حقوقهن في قضايا التحرش كجماعة ضغط كبرى ولقيت الدعم من الرجال والنساء، وهذه إحدى المميزات الكبرى للسوشيال ميديا، أما التنمر الإلكتروني الذي يعبر عن أحد الأوجه المظلمة للسوشيال ميديا، فكشفت د.منى لملوم من مصر، المتخصصة في دراسات الصحة النفسية، أنه أحد أحدث أشكال العنف ضد المرأة لكن الحل يكمن عبر معرفة النساء بكيفية استخدام اعدادات الخصوصية ومعرفة حقوقها القانونية في مقاضاة المتنمر والتي تصل لشهر حبس وغرامة 100 ألف جنيه.
ولفتني ورقة بحثية مميزة قدمتها د.مروة شميس، مدرس العلاقات العامة والإعلان بالمعهد الكندي العالي لتكنولوجيا الإعلام الحديث، بعنوان (الترويج لقضايا المرأة عبر الدراما السينمائية للدول شبه المحورية: دراسة مقارنة بين السينما المصرية والهندية) حللت فيها موقف كل من السينما المصرية والهندية بصفتهما ذواتي نفوذ ثقافي قوي في السياق الجغرافي لكل منهما، توصلت الباحثة إلى أنه في الفترة من 2010 إلى 2020 اتجه اهتمام السينما المصرية والهندية إلى معالجة قضايا العنف ضد المرأة في المقام الأول، واشتركت كلتاهما في الاكتفاء بعرض مشكلات النساء دون تقديم حلول موضوعية لهذه المشكلات على النقيض شاهدت السينما المغاربية والسينما في أمريكا اللاتينية وكيف تبرز المرأة في أدوار قوية منتصرة على الرجال امرأة غير مقهورة.
لكن على أي حال هناك مبادرات سينمائية مثلا كالتي يتبناها مهرجان القاهرة السينمائي بالحفاظ على نسبة حضور 50% للمبدعات من النساء وهي بادرة سيتحقق أثرها خلال السنوات المقبلة.
أهم التوصيات التي خرج بها النقاش، والتي يجب أن تعد في وثيقة لقيمتها الكبرى هي أن التوصيات شددت على دعم وحماية (الأمومة)، وعدم اعتبار الأمومة (عقوبة) تعوق المرأة من المشاركة العامة، وإقرار آليات من شأنها تخفيف معاناة وأعباء النساء العاملات/الأمهات عبر زيادة إنشاء دور رياض الأطفال وتقليل ساعات العمل للمرأة التي لديها أبناء واقرار نظام ساعات العمل المرنة. وضرورة تعزيز دور الفن والإعلام في توعية المرأة الإعلام بقضاياها ومشكلاتها وطرح حلول عملية لها، لم نجد حتى الآن أعمالا تجسد التأثير القوي للمرأة في المشاركة السياسية في الحياة المعاصرة!.
وأثناء انتظار تحقق التوصيات بتشجيع المرأة على العمل الخاص وتيسير القروض لها لمنحها المرأة استقلالا اقتصاديا يمكنها من المشاركة الفعالة اقتصاديا وسياسيا في بناء وطنها. يبقى الأهم أن نكف عن رواية قصة سندريلا لبناتنا أمهات وسيدات المستقبل، فعليها أن تؤهل نفسها لدور بناء في المجتمع لا أن تسكن قصر الأمير!.