لم يشفع كونها العنصر النسائي الوحيد في الحكومة المستقيلة، أن تحقق النجاح المطلوب في واحدة من أهم الحقائب الوزارية، بدأت مهام عملها في يوليو الماضي بنشاط ملحوظ، لكن يبدو أنها كانت مجرد مسكنات انتهى مفعولها، فتمكن الكسل والخمول من جسدها.
مها زين العابدين الرباط، وزيرة الصحة والسكان - قبل إعلان الدكتور حازم الببلاوي استقالة حكومته بعد ظهر اليوم الاثنين - "الرباط" من مواليد 1959، طبيبة صحة عامة وأستاذة الطب الوقائي ورئيسة قسم الصحة العامة بكلية طب قصر العيني، وقد عملت "الرباط" مع المعونة الأمريكية لسنوات في مجال خصخصة الخدمات الصحية، حيث دشنت لجنة الدفاع عن الحق في الصحة حملة عليها - إبان ذروة نشاطها في عهد وزير الصحة الأسبق الدكتور حاتم الجبلي - وارتكبت "الرباط" العديد من الأخطاء خلال تاريخها المهني، حيث تزايدت إضرابات الأطباء والصيادلة إلى جانب العاملين في الوزارة ضدها، وتم انعقاد جمعية عمومية غير عادية في نقابة الأطباء للبت في شأن "الرباط"، حضرها 460 طبيباً قرروا تحويل الوزيرة إلى لجنة آداب المهنة الطبية ومجلس التأديب بالنقابة، كما وصف الأطباء قراراتها بـ "غير الحكيمة"، وذلك ردّاً على عدم اهتمامها بمطالب وآراء الأطباء فيما يتعلق بكادر المهن الطبية الجديد، فضلا عن تجاهلها للنقابة عبر تحويل عدد من الأطباء الأعضاء بها إلى النيابة العامة بدعوى عدم قيامهم بإجراءات مكافحة العدوى لفيروس أنفلونزا الخنازير، الأمر الذي جعل أعضاء النقابة يعتقدون أن سبب هذا الموقف هو الإضراب وليس عدم القيام بإجراءات مكافحة العدوى.
وبعد تفاقم المشكلة بين وزيرة الصحة والسكان الدكتورة مها الرباط، ونقابة الأطباء - بعد أن قررت الأخيرة من خلال جمعيتها العمومية الطارئة، الجمعة الماضية، تحويل الوزيرة إلى التحقيق وإلى لجنة آداب المهنة، بالإضافة إلى المطالبة بإقالتها، وذلك في ردٍّ سريع على تحويل وزيرة الصحة للدكتور أحمد شوقي، عضو مجلس نقابة الأطباء، إلى النيابة العامة لتحقيق معه في واقعة اقتحام غرفة العمليات، معتبرين أن ﻭﺯﻳﺮﺓ ﺍﻟﺼﺤﺔ تتعمد إﻫﺎﻧﺔ ﺍﻷﻃﺒﺎﺀ ﻭﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺿﺪ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ - وصفت وزارة الصحة قرارات الجمعية العمومية الطارئة لنقابة الأطباء بأنها تُعدّ استخداماً سياسيّاً للعمل النقابي، وأنه ليس من حق النقابة توجيه اللوم أو التحقيق مع شخص الوزير لأنه لا يمارس المهنة، وإنما يمارس عملاً تنفيذيّاً، وأن ما يعيب الإجراءات الحالية هو استخدامها سياسيّاً، وهو ما يصعّب من تحقيق المطالب النقابية، كما أنه فعل موجّه ضد الحكومة ككل وليس ضد وزيرة الصحة فقط.
فيما ناشدت وزارة الصحة والسكان، الزملاء من الأطباء، بضرورة التفرقة بين القيام بالعمل النقابي والعمل الرقابي والعمل الحكومي، وأن يرتقوا إلى مستوى التحديات التي يواجهها الوطن، وتذكرهم بالرسالة السامية التي أقسموا جميعاً على تأديتها، وبعد إعلان استقالة الحكومة حدثت فرحة عارمة بين العاملين في الوزراة لإقصاء الدكتورة مها الرباط عن منصبها، وهذا ما يدل على أنها وزيرة جاءت عبر قرارات خاطئة وبأزمات للوزارة والأطباء على حدٍّ سواء.
ورغم ما سبق، إلا أن كثيرين أكدوا أن أزمة الأنفلونزا الموسمية وانتشارها على مدار الأشهر الماضية، واستمرار حصدها لعشرات الأرواح، هو ما عجّل برحيل الوزيرة عن منصبها، كما رجّحوا عدم تواجدها في التشكيل الحكومي الجديد، وخاصة بعد فشلها في وضع خطة وقائية من المرض الخطير، والاكتفاء ببيانات صحفية ولقاءات تلفزيونية تشغلها عن أداء مهام عملها بشكل حقيقي وفاعل.