تحتفل الأمم المتحدة باليوم العالمى للعمل المناسب واللائق في أكتوبر من كل عام.
وقد أشارت التقارير الرسمية إلى انخفاض كبير في فرص العمل خلال الفترات الماضية سواء بسبب تباطؤ حركة الاقتصاد العالمى وأخيرًا بسبب جائحة كورونا وما بعدها.
ورغم تعريف منظمة العمل الدولية العاطل بأنه هو كل من يبحث عن وظيفة مناسبة وبأجر عادل ولم يجده يعتبر عاطلًا» والآن الأمور أصبحت أكثر تعقيدا مع المتغيرات الاقتصادية المتلاحقة والأزمات التى تلحق بالاقتصاد العالمى وما ينتج عنه من ارتفاع نسب البطالة.
وفى مصر تراجعت سوق العمل بشكل ملحوظ حيث تشير الأرقام الرسمية والخبراء المصريين.. إلى انخفاض فرص التشغيل حيث وصلت إلى ٤٠ ٪ عن الفترة من ديسمبر ٢٠١٩ إلى ٣٥ ٪ خلال عام ٢٠٢٠.
كذلك ارتفعت نسب البطالة بين النساء المصريات حيث لم تتجاوز نسب التشغيل في أحسن الأحوال إلى ١٠٪ وقد أدى ذلك إلى ارتفاع نسب البطالة بين الذكور والإناث، حيث انسحاب واضح لدور المرأة المصرية في سوق العمل وقد ظهر الكثير من النساء في أعمال هامشية بحثًا عن حياة كريمة «بائعات للخضر- ملمعات للأحذية- بائعات الخبز والجرائد والمناديل الورقية.. فضلا عن العمالة في المنازل والتخديم في أعمال النظافة وحتى الأعمال الشقة في قطاع البناء.. ».
وفى الوقت الذى لا توجد فيه فرص عمل حقيقية لدى الحكومة التى أغلقت باب التعيينات الجديدة في وجه الشباب من الخريجين بالرغم من أن حجم الشباب المصرى يمثل ما يزيد على ٦٣ ٪ من مجموع الشعب المصرى.
وقد انفرد القطاع غير الرسمى بتوفير ما يزيد على ٤٤ ٪ من فرص العمل بينما القطاع الخاص لا يستوعب سوى ٣٢ ٪ رغم ما يحصل عليه به من تسهيلات وإعفاءات ضرائبية وجمركية وغيرها.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى ارتفاع حجم العمالة الموسمية التى تصل إلى ٧٦ ٪ من حجم العمالة في القطاع الخاص وحده، وقد ظهرت بكثافة العمالة المؤقتة في سوق العمل المصرية من بينها «العمالة اليومية مع ارتفاع نسب المتعطلين التى سبق لهم العمل إلى ٧٤٪ من إجمالى هؤلاء المتعطلين».
ويؤكد الخبراء وفق تحليل الأرقام الرسمية أن سوق العمل في بلادنا تحتاج إلى إعادة تنظيم، حيث أصبحة طاردة للقوة والقدرات البشرية من كل الأعمار، خصوصًا بين الشباب لا فرق بين ذكور وإناث.
ولقد جاء الاحتفال باليوم العالمى بالعمل المناسب واللائق والكثير من الشباب غير قادرين على إيجاد فرص عمل حقيقية تحقق لهم الاستقرار الاجتماعي.
والجميع يذهب للأعمال التى لا تتناسب مع قدراته العلمية والعملية أو حتى مؤهلاته الدراسية إلى حد خبراته الحياتية، والجميع يلهث من أجل الحصول على فرص مناسبة.
وتكفى الإشارة إلى ظاهرة عمل الشباب المصرى في أعمال مثل «توزيع وبيع السلع- أو توصيل الطلبات للمنازل- أو بيع الذرة المشوى وغسيل السيارات في الشوارع أو بيع الخبز أو كنس ومسح سلالم العمارات» وغيرها من الأعمال الهامشية بحثًا عن الرزق الشريف.
وأغلب هؤلاء الشباب جامعيون ومؤهلات متوسطة ولهم قدرات عالية.. وقد ذهب البعض من الشباب للعمل مقابل الحصول على «البقشيش فقط» دون أجر في محطات الوقود والتشحيم وتنظيف السيارات راضين بالقليل من أجل مجرد الحياة في أبسط صورها.
ويعد هدر الطاقات البشرية للشباب المصرى «فتيان وفتيات» أمر يحتاج إلى إعادة النظر ودراسة خريطة سوق العمل المصرية في قراءة متأنية للخروج من الفوضى الحالية إلى وضع دراسة علمية من أجل تنظيم سوق العمل حتى تستوعب شبابنا في فرص عمل تليق باحتياجات السوق وتحقق طموحات الشباب المصرى وقدراته.
وهنا فأن الأمر يتعلق..
- أهمية احترام نصوص الدستور التى تتحدث عن فرص العمل والأجر العادل وعدم فصل العاملين واحترام حقوقهم.
- إعادة النظر في القوانين واللوائح التى تنتقص من حقوق العمالة في الأجر العادل وظروف العمل الآمنة.
وبعد إن الأمر مطروح أمام وزارة القوى العاملة والمجلس الأعلى للأجور والأسعار وكذلك فرع منظمة العمل المصرية والجامعات ومراكز الأبحاث ولجنة القوى العاملة بمجلس النواب ومجلس الشيوخ للبحث وضع روشته وخارطة طريق من أجل توفير فرص العمل للشباب وتعظيم الاقتصاد المصرى وتعزيز فرص التنمية المستدامة.