إذا كان هناك من يتشكك في عطاء المستشفيات الحكومية، وجودة خدماتها التي تقدمها لجمهورها من المرضى وذويهم فأنا الآن أرد غيبتها وأنتصر لها، من واقع التجربة الحية التي مررت بها مرتين وليست واحدة، وفي كل مرة كان الوضع الصحي صعبا وحرجا. في المرة الأولى كنت قد تعرضت لإصابة حادة في ركبتي إثر حادث كبير تعرضت له.
وتم نقلي إلى مستشفى المنصورة الدولي، الذي لا أعرف به أحدا من أقاربنا أو أصدقائنا. وتحتم الأمر أيضا أن أنقل إليه وحدي لسرعة التدخل الطبي. كانت هواجس كثيرة تنتابني وحيدة، لا أعرف أحدا، مستشفى حكومي، أشعات، جبس، عمليات، وألف ماذا لو سيحدث وماذا لو لم يحدث. حتى وجدتني على كرسي وهناك من أحضر التذكرة من شباك التذاكر وقادني لغرفة الكشف فهو يوم الاستقبال.
كثيرون هناك من جميع فئات المجتمع وجميعهم يتألمون مثلي. قلت في نفسي "باينة من أولها" فلآخذ نفسا عميقا وأهدأ. لكنني لم أستطع أن أمنه فضول الكاتبة والصحفية في استكشاف ما يجري أمامي. قادني شيطان الكتابة إلى مراقبة الأمر لكنني استفقت على اسمي يتردد فذهبت إلى الطبيب الذي تلقاني بابتسامة وطمأنة لطيفة بأن كل شيء سيكون على مايرام لا تقلقي فقط أشعة وتعودين إلى هنا قلت له هل أنتظر حتى يتم تحميض الفيلم فقال لا سيرسلها إلى الكمبيوتر هنا. وصلت إلى قسم الأشعة. انتظرت دوري، كان الجو يسوده الهدوء والسرعة في نفس الوقت وما أن جاء دوري، وكنت على الجهاز، حتى ابتسم الفني من خلف الزجاج وحضر ليضبط وضع الركبة رغم الألم الشديد وساعدتني الممرضة وفي خمس دقائق كنت قد انتهيت ورسالة طمأنينة كان قد تركها معي. عدت على غرفة العظام كان العدد قد تزايد. لدرجة جعلتني مستعدة لمشاهدة أو سماع أي إشارة ضيق من الطبيب وهو يفحص الأشعة على الجهاز ليشخص الحالة لكنه رد بنفس الهدوء الذي جعلني أقول له. اسمح لي أن أشكرك مرتين مرة من أجل معاملتك الطيبة ومرة من أجل ابتسامتك في وجه الناس، العامل الذى كان له أثرا في قبلي. والسيدة العجوز التي كنت تشاكسها والطفل الذي ضحكت معه. رغم ازدحام الغرفة في يوم استقبال فقال هذا عملي. مر على هذا الموقف عام ونسيت أن أكتب لأشكرهم نسيت أسماءهم وشفيت بعد شهرين. إلا أن القدر سمح لي اليوم أن أكتب لأرد لهم جميل صنيعهم شكرا وعرفانا وشهادة حق. بعدما تعرضت أمي لارتفاع كبير في ضغط الدم لم تفلح معها علاجات المنزل أو طبيب العائلة فنقلتها سريعا وبالصدفة البحتة لنفس المستشفى. ذهبت هناك بالخطأ فلم يكن يوم الاستقبال بها كان بمستشفى آخر ولكني من الارتباك أخطات اليوم والمكان والسرعة في هذه الحالة والوقت عنصرين خطيرين.
دخلت بارتباكي للعيادة الخارجية. الجميع بالكمامات ومتباعدين وقلت للموظفة أمي أمي فقالت سأعد الأوراق سريعا واستأذنت في الدور ودخلت أمي لطبيب شاب سمح وهادئ استمع وزاد في الاستماع. كتب ما يخفض ضغطها بسرعة حولها إلى قسم الأشعة المقطعية بعد ذلك. كان على أن أذهب لإمضاء أوراق من النائب الإداري والذهاب إلى غرفة الاشعة والعودة إلى الطبيب الذي استقبل الاشعة على الكمبيوتر وكان من الصبر بما كان أن يشرح لنا الحالة بهدوء وابتسامة طمأنت أمي وأزالت هلعها. فعزمت هذه المرة أن أشكرهم جميعا وأشير إليهم بالبنان وأدعو الله أن يعينهم على ما يقومون به من بطولات كل في مكانه ليستحقوا ما هو أكثر من التقدير كحراس للحياة في زيهم الأبيض. تحية إلى كل العاملين بهذا الصرح الطبي الذي يخدمنا جميعا من كل الطبقات وباقة ورد أقدمها للجميع عمالا وممرضين وفنيين وأطباء وشكر خاص للدكتور مهاب إسماعيل والدكتور خالد توفيق والدكتور إسماعيل أيمن حسني أبطال الطب والطمأنينة والإخلاص. نفتخر بكم جميعا. دمتم ودام كل مخلص في عمله محبا لمصر.