في ذكرى مولد الرسول محمد عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء الذي مزج بين الدنيا والدين فكان زوجا وأبا وكان يعمل في التجارة ويرعى الغنم وكان يحارب ويصاب في الحروب ويمرض ثم مات ودعا إلى الإسلام كواحد من أعظم الديانات وأصبح قائدا سياسيا وعسكريا ودينيا فكانت حياته العادية معجزة لأن ما تحقق في هذه الحياة كان حقا غير عادي ورغم مرور عدة قرون على وفاته لا زال له أثر وتأثير ولا زال ما جاء به قويا ومتجددا وأتباعه وأحبابه يتزايدون كل عام.
محمد عليه الصلاة والسلام الذي ولد في عصر يوصف بالجاهلية وفي مكان من العالم يبتعد عن العلم كثيرا كثيرا ويفتقد حتى السلوكيات الراقية والأخلاق الحميدة ولد يتيما ضعيفا ولكنه سريعا اكتسب قوة كبيرة اتبعه المستضعفين والعبيد ليخرج بهم من العبودية والفقر والجهل إلى قيادة العالم والتأثير فيه وكانت الهجرة إلى المدينة المنورة نقطة تحول في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وإذا كان الذين تبعوه في مكة قليلين فإن الذين ناصروه في المدينة كثيرين وقبل وفاته بسنتين ونصف السنة أخذ الناس يدخلون في دين الله افواجا ولما توفى الرسول صلى الله عليه وسلم كان الإسلام قد انتشر في جنوب شبه الجزيرة العربية التي يسكنها البدو وهم مشهورين بشراستهم في القتال وكانوا مشردين ومنقسمين رغم أنهم قليلي العدد ولم تكن لهم قوة أو سطوة ولكن الرسول استطاع ولأول مرة في التاريخ أن يوحد بينهم وأن يملئهم بالإيمان وان يهديهم جميعا بالدعوة إلى الله الواحد الأحد ولذلك استطاعت جيوش المسلمين الصغيرة المؤمنة أن تقوم بأعظم غزوات عرفتها البشرية فاتسعت الأرض تحت أقدامهم فوصلت القوات الإسلامية شمال أفريقيا حتى المحيط الأطلسي ووصلوا جبل طارق وعبروا إلى أسبانيا واستطاع هؤلاء البدو المؤمنين بالله وكتابه ورسوله أن يقيموا إمبراطورية واسعة ممتدة من الهند حتى المحيط الأطلسي وهى أعظم إمبراطورية أقيمت في التاريخ حتى اليوم وفي كل مكان دخلته هذه القوات انتشر فيه الإسلام بصورة كبيرة بين أهل هذه البلاد وحتى بعد تراجع الإمبراطورية الإسلامية ظلت هذه البلاد على عهدها بالإسلام حتى أن الإسلام لا زال واسع الانتشار في بلاد لم يصل إليها في فترات قوته. فيا من تهتز له القلوب شوقا ويا من تنتظر العيون رؤيته وصفتنا بكلمة أحبابي وانت لقلوبنا أقرب حبيب.