تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
لا يمكن إدراك وفهم المجلس الملى دون إدراك ما يحدث في الوطن، ولا يمكن إدراك ما يحدث في الوطن دون إدراك ما يحدث في الكنيسة العتيدة، منذ ١٨٧٣ حتى الآن، ما يقارب القرن ونصف القرن، سبعة بابوات «كيرلس الخامس، يوانس التاسع عشر، مكاريوس الثالث، يوساب الثانى، كيرلس السادس، شنودة الثالث، تواضروس الثانى» و١٨ مجلسا مليا، ولم تخل دورة للمجالس الملية من مشكلات وخلافات بين الإكليروس والعلمانيين إلا في عهد البابا المتنيح شنودة الثالث، ويعود ذلك إلى رسامة الأعضاء الموقرين شمامسة، ولذلك كانت دورات المجلس الملى المتعاقبة في حبرية البابا المتنيح شنودة الثانى تخلو من أى نزاع، مجرد آلية تنفيذية للإكليروس، وغلبة الليبراليين وكبار الملاك على عضويته من ١٨٧٣ حتى ١٩٥٢، وغلبة كبار الموظفين ورجال الدولة والتكنوقراط بعد ١٩٥٢، وشهد متغيرات كبرى حدثت للنخب القبطية بعد ٢٥ يناير ٢٠١١، حيث لم تعد النخب لا كبار ملاك ولا تكنوقراط بل أبناء الفئات الوسطى والدنيا من الطبقة الوسطى، ثوار وخدام، أبناء ثورة الاتصالات وليسوا أبناء الثورة الزراعية، انعكست تلك المتغيرات على المجلس الملى حتى إن البابا تواضروس صرح في أكثر من حديث بأنه لا يرتاح لاسم «المجلس الملى» ومن المؤكد أن البابا على حق لأننا لا نعيش الآن في العصر الذى نصنف فيه كـ«ملة»، بل نعيش في عصر المواطنة.. التغيير من الوطن إلى الكنيسة العتيدة، في ١٨٧٢، وانتخب أعضاؤه في ١٦ يناير ١٨٧٤، وأختير بطرس غالى باشا وكيلا للمجلس، حيث كانت الرئاسة للبطريرك، وأصدر الخديوى أمره باعتماد تشكيله، وبدأ المجلس يباشر مهامه في فبراير ١٨٧٤، وهو الذى اختار كيرلس الخامس بطريركا خلفا لديمتروس في عام ١٨٧٥، ورأى كيرلس الخامس أن المجلس يمثل اعتداء على سلطاته فحل المجلس في ١٨٧٥، وسعى بطرس غالى لدى الدولة في هذا الشأن حتى صدر الأمر العالى في ١٣ مارس ١٨٨٣ بتشكيل المجلس الملى مرة أخرى، وأعيد انتخاب بطرس غالى وكيلا له في ١٤ مايو ١٨٨٣. ورفض المطارنة المجلس وأصدروا بيانا يؤكدون فيه أن المجلس مخالفة للأوامر الإلهية والنصوص الرسولية. وأعلن كيرلس الخامس رفضه للائحة، وعندما اراد المجلس تجديد انتخاب أعضائه في ١٨٩١، رفض البطريرك،فطلب المجلس من الحكومة نفى البطريرك، فنفى إلى دير البراموس بوادى النطرون، ونفى مساعده ووكيله الأنبا يؤانس «البطريرك الذى خلف كيرلس الخامس فيما بعد نياحته» إلى دير الأنبا بولا بالصحراء الشرقية ودام نفيهما قرابة العام حتى إعادتهما وزارة رياض باشا في ٤ فبراير ١٨٩٣، واستمرت الأوضاع على هذا المنوال ما يقرب من اثنى عشر عاما، بل ويمكن القول إن الصراع بين العلمانيين والإكليروس حول لائحة المجلس الملى استمر حتى ثورة ١٩٥٢، وما تلاها من صراع بين البابا كيرلس السادس «١٩٥٩-١٩٧٠» وإغلاقه المجلس الملى وحله ثم البابا شنودة الثالث «١٩٧٠-٢٠١٢» الذى لم يجد سوى حل إكليروسى حينما رسم أعضاء المجلس شمامسة.. فحولهم من علمانيين إلى درجة إكليروسية أدنى بعد اعتلاء الأنبا كيرلس السادس كرسى مارمرقس، لم يجد المجلس الملى بعد سحب جميع اختصاصاته من يمارس معه الصراع سوى الأنبا كيرلس ذاته..
وناصب المجلس الملى العداء السافر للبابا كيرلس السادس خاصة بعد ادعاء المجلس الملى على عدم القدرة على الإنفاق على البطريركية والكنيسة واضطر إذاء ذلك إلى الاستدانة من «جمعية التوفيق القبطية» ألفى جنيه ليدفع مرتبات الكهنة والموظفين، ثم توقف بعد ذلك عن دفع الأجور الزهيدة لهم في ذلك الوقت، وإذاء ذلك توجه البابا كيرلس السادس إلى الرئيس جمال عبدالناصر وعرض عليه الأمر، فأمر عبدالناصر بصرف تبرع من الدولة للكنيسة بمبلغ عشرة آلاف جنيه مصرى مع حل المجلس الملى الذى ثبت فشله مع تشكيل لجنة برئاسة البابا كيرلس عام ١٩٦٧ لإدارة أوقاف الكنيسة، وكانت نتيجة ذلك أن عبرت البطريركية ديونها بل وارتفع رصيدها إلى ١٥٠ ألف جنيه خلال عامين، واستمر المجلس محلولا إلى أن أعاده البابا شنودة الثالث بعد تنصيبه بطريركا في ١٩٧١.