ما كشفته رسائل وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلارى كلينتون، يؤكد مدى حجم المؤامرة التى خاضتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد مصر، بل ضد دول المنطقة كلها، لترسيخ الفوضى فى مختلف الدول، وإشغال مصر وغيرها من الدول العربية فى قضايا محلية، بل ربما إدخالها فى حرب أهلية، أو ما يشبه الحرب الأهلية، وإفساح المجال أمام الأطماع الأمريكية لتنفيذ كل مخطاطتها، وهو ما يخدم الصهيونية، ومطامعها التى لا تنتهي.
استغلت الولايات المتحدة ما جرى بمصر فى 25 يناير، وفى دول أخرى، واستغلت حُسن النوايا الصادقة للعاشقين والباحثين عن الحرية، والعدالة، فى أوطاننا، بل تؤكد رسائل "هيلاري"، أن بلادها استغلت فئات وطوائف، فى البلدان العربية، مستعدين لبيع أوطانهم، أو قل بيع مباشر لأوطانهم، من أجل تحقيق أحلامهم، وهو ما حدث فى بعض من دول المنطقة وكادت تحقق مطامعها فى مصر، والتى كانت قاب قوسين من فوضى عارمة.
رسائل البريد الإلكترونى لوزيرة الخارجية الأمريكية أكدت مع سبق الإصرار والترصد رسم مخطط واسع النطاق، لتمكين تنظيم الإخوان الإرهابى، ليس فى مصر فقط، بل فى مختلف دول المنطقة، خصوصا فى ربيع 2012، وبعد عام من أحداث 25 يناير، فى الوقت الذى كانت تمر فيه مصر بمرحلة دقيقة بعد عهد تنحى أو عزل الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، فى وقت شهدت فيه البلاد حالة من الفراغ السياسى، خصوصا فى رأس السلطة مع أوضاع اقتصادية فى غاية الصعوبة.
المعلومات التى شملتها رسائل ومراسلات هيلارى كلينتون، أفادت أن المصالح تقاطعت بين سياسات مستهدفات الولايات المتحدة من جانب ومصالح "الإخوان" وهو فصيل ظل لسنوات متربصا بالوطن، ومستخدما كل شيء، من أجل تحقيق حلمه الذى انتظره لنحو 80 عاما من العمل تحت الأرض مرات، وفوق الأرض مرات أخرى، ومنتهزا الفرصة للقفز على السلطة، بأى ثمن، وحتى لو كان على حساب الأوطان، فالمهم هو كرسى الحكم، والتمكن منه.
وعن قصد تؤكد مراسلات "هيلاري" أن الولايات المتحدة استغلت من لديه رغبة فى بيع وطنه، ليس حبا فيه، بل لتحقيق مخطط أمريكى يحرق به أى بلد، لتمهيد الأرض لتنفيذ مخطط الفوضى، التى هى فى الأساس تحمى الكيان الصهيونى، وسعت واشنطن لتهيئة الطريق لكل ما يحقق ذلك.
الرسائل مليئة بمعلومات متعددة، بما فيها توفير أجهزة إعلامية لخدمة صناعة الفوضى، فى مصر والمنطقة، باتفاق مع قطر، التى لعبت دورا لتنفيذ مخططات أمريكا لإدخال المنطقة فى حالة من عدم الاستقرار، وابتلع البعض الطعم، ولكن البعض الآخر وعلى رأسها مصر وعت الدرس مبكرا، ونجحت فى التصدى لهذا المخطط الجهنمى التخريبى، وأقبرته فى شهوره الأولى.
رسائل هيلارى كلينتون، تشير إلى عقد لقاءات ومراسلات مكثفة لمسئولين فى الخارجية الأمريكية مع أعضاء فى التنظيم الإرهابى، ومعظمها جرت قبيل الانتخابات الرئاسية عام 2012 فى مصر، والتى أسفرت عن وصول مرشح تنظيم الإخوان محمد مرسى إلى الرئاسة، ففي 4 أبريل 2012 وفى رسالة مكونة من سطر واحد سألت "هيلاري" كبار مساعديها، "من سوف يقابلهم؟ فى إشارة لوفد من التنظيم يزور واشنطن، وتوالت الردود على هيلارى من كبار مساعديها، رسالة من مساعدها "جيفرى فيلتمان" يبلغها فيها عن لقاء موسع له مع أعضاء من التنظيم.
وقال "فيلتمان" فى رسالته، إنه التقى بأعضاء من الإخوان، وأن مساعد وزيرة الخارجية "بيل بيرنز" التقى مع عناصر إخوانية من تونس والمغرب ومصر، وتقول إحدى الرسائل ما نصه: السيدة الوزيرة، التقيت بهم أمس، ويلتقى "بيل بيرنز" اليوم مع طيف واسع من الإسلاميين من تونس والمغرب ومصر، وسيلتقى "بوب هورماتس" و"بيل تايلور" مع أعضاء التنظيم من مصر، وذهبوا إلى مجلس الأمن القومى الليلة الماضية، لكننى لم أطلع بعد على ما دار.
وتكشف رسالة ثانية من مساعد الوزيرة "ويليام بيرنز" عن لقاء جمعه بأعضاء من التنظيم، قائلا، إنه سوف يذكر أعضاء التنظيم بالاستفادة من تجارب العدالة الانتقالية التى طبقتها بعض الدول، منوها لتجربة جنوب أفريقيا، كاشفا عن لقاء جمعه بسفير جنوب أفريقيا فى واشنطن، ويصفه بأنه ناشط إسلامى سبق له زيارة مصر تلبية لدعوة من تنظيم الإخوان للتعرف على تجربة بلاده فى تحقيق العدالة الانتقالية.
ونلاحظ أن هذه اللقاءات وهذا الدعم الأمريكى، جاء قبل شهر من الانتخابات التى أتت بمحمد مرسى رئيسا لمصر.
وتتضح المؤامرة بشكل أكبر، ودخول أطراف أخرى لصناعة الفوضى، حيث نصح بيرنز بتشجيع جنوب أفريقيا وتركيا ودول أخرى على مواصلة اللقاءات مع الإخوان، إضافة للدور الذى تقوم به الولايات المتحدة، وكلنا نتذكر موقف جنوب أفريقيا فى هذا الوقت ضد مصر، والذى اشتعل أكثر بعد وقف المخطط التخريبى مع الساعات الأولى لثورة 30 يونيو، ونتذكر أيضا موقف تركيا، والذى ما زال حتى اللحظة ضد "مصر 30 يونيو".
سياسة أمريكا التخربية للمنطقة استخدمت كل من باع نفسه لتنفيذ مخططها، وهو ما كشفته مراسلات "هيلاري" مباشرة أو عبر مساعدية، مع "الأفعي" الإخوانية توكل كرمان فى اليمن، وفى ليبيا مع رجل الأعمال الإخوانى محمد المقريف، رئيس المؤتمر الوطنى الليبى السابق، كما دخلت قطر بثقلها فى توفير الدعم بالتعاون مع تركيا من خلال توفير مظلات إعلامية بمئات الملايين من الدولارات.
هذا جزء من قليل كشفته وزير الخارجية الأمريكية السابقة، ولتكشف الوجه الأمريكى القبيح، مع وجوه فى أقبح منها فى أوطاننا لبيع الوطن من أجل مصالحهم، وفقط.