الطريق إلى نصر أكتوبر العظيم ملئ بالدروس والتجارب الناجحة، ليس فقط في التخطيط والإعداد العسكري المحكم، ولكن أيضا في الإدارة الدبلوماسية وإعداد المسرح السياسي الداعم لموقف مصر عربيًا وإقليميًا ودوليا. هذه الدروس في تكوين حلف عربي، وظهير أفريقي، ودعم دولي، أثبتت فعاليتها ليس فقط في حرب أكتوبر ٧٣، ولكن في كل الحروب التي خاضتها مصر عبر تاريخها الطويل.
وفي هذا المقال نعرض الدور الفعال للبلدان العربية في تحقيق انتصارات أكتوبر المجيدة.
أولا: دور الإمارات العربية المتحدة
منذ اللحظة الأولى أعلن الشيخ زايد رحمه الله أن دولة الإمارات العربية المتحدة تقف بكل إمكاناتها مع مصر وسوريا في حرب الشرف من أجل استعادة الأرض المغتصبة. وعندما لاحظ الشيخ زايد رحمه الله انحياز الصحف ووكالات الأنباء الأجنبية لإسرائيل، قرر دعم المعركة إعلاميا، وأمر بتقديم كافة التسهيلات لسفر ٤٠ صحفيا من إنجلترا وأوروبا الغربية إلى جبهات القتال العربية، وأن تكون نفقاتهم على حسابه الخاص. وبفضل هذه الخطوة أمكن للعالم أن يسمع أخبارًا موضوعية عن المعركة. وهذا الموقف يذكرنا بضرورة الالتفات إلى خطورة الإعلام ودوره في تشكيل الرأي العام العالمي. رحم الله الشيخ زايد وأسكنه فسيح جناته.
ثانيا: دور المملكة العربية السعودية
قامت الدول الخليجية بلا استثناء بدور مشرف، وقدمت كل الدعم الممكن من المال والسلاح والمقاتلين لنصرة مصر وسوريا. وكان موقف الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله، هو الأبرز والأكثر تأثيرا في مجريات الأحداث.
وبعد اندلاع حرب أكتوبر وبدء الجسر الجوي في نقل السلاح الأمريكي لإسرائيل، قرر الملك فيصل استخدام سلاح البترول في المعركة، وهو الدور الذي أثبت للعالم مقدرة العرب على استخدام كل أسلحتهم للدفاع عن قضاياهم القومية. وبعد ظهور آثار أزمة النفط في الدول الغربية، قام وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر بزيارة الرياض، في محاولة لإقناع السعودية باستئناف تصدير النفط. إلا أن الملك فيصل تمسك بضرورة أن تتوقف الولايات المتحدة عن دعم إسرائيل وأن تضمن انسحابها من الأراضي العربية المحتلة.
وتبقي كلمة الملك فيصل الخالدة، ردًا على سؤال لأحد الصحفيين عن احتمال اعتداء الولايات المتحدة على بلاده، قائلا: "إن ما نقدمه هو أقل القليل مما تقدمه مصر وسوريا من تقديم أرواح جنودها في معارك الأمة المصيرية. رحم الله الملك فيصل قدر مواقفه الشجاعة في خدمة قضايا الأمة العربية.
ثالثا: دور العراق
ساعد العراق كلا من مصر وسوريا في حرب أكتوبر ١٩٧٣، حيث قامت القوات الجوية العراقية بمساعدة مصر، وقامت القوات البرية العراقية بالقتال بجانب سوريا. وربما يلفت ذلك نظرنا إلى ضرورة مساعدة العراق للخروج من كبوته الحالية والعودة إلى الصف العربي.
رابعا: دور الجزائر
كان للجزائر دور كبير في الدعم المالي والعسكري قبل وأثناء حرب أكتوبر ٧٣. حيث قام الرئيس الجزائري هواري بومدين، بارسال سرب من الطائرات إلى الجبهة المصرية أثناء المعركة. كما قام الرئيس بومدين بزيارة موسكو، ووضع شيكا داخل حساب مصر وسوريا بالاتحاد السوفيتى، وتعهد بدفع ثمن أي أسلحة تحتاجها الدولتان خلال الحرب. وهذا الموقف النبيل يذكرنا بأهمية هذا البلد العربي الشقيق، ويثبت بُعد نظر الرئيس السيسي بأن تكون الجزائر هي أول دولة يقوم بزيارتها بعد توليه المسئولية.
خامسا: دور ليبيا
سمحت ليبيا بنقل الكلية البحرية المصرية إلى أراضيها، كما قامت بعمل صفقة طائرات مع فرنسا، كما منحت ليبيا مليار دولار مساعدات لمصر في شكل شراء أسلحة عاجلة خلال أكتوبر ٧٣، حسب تصريحات محمد حسنين هيكل.
سادسا: دور السودان
كان السودان من أوائل الدول الذي أعلن دعمه الكامل لمصر وسوريا، حيث احتضن مؤتمر الخرطوم والذي تم الإعلان فيه عن ثلاثية "لا" وهي لا صلح، لا اعتراف، ولا تفاوض. وأرسل السودان فرقة مشاه على الجبهة المصرية كما لم يتردد في نقل الكليات العسكرية المصرية إلى أراضيه.
سابعا: دور اليمن
قام اليمن بدور عظيم في مساعدة مصر في إغلاق باب المندب بمدمرتين، ولم تتمكن أي سفينة إسرائيلية من عبور باب المندب أثناء الحرب.
هذه الأمثلة ليست كل ماقامت به البلدان العربية، فقد شاركت أيضا كلا من الكويت والبحرين وسلطنة عمان وتونس والمغرب في دعم مصر وسوريا دعما مباشرا أثناء المعركة، كما شاركت كل البلدان العربية في دعم مصر سياسيا في كل المحافل الدولية.
فقط أردت التذكرة أن دروس حرب أكتوبر لاتنتهي، وأن علينا أن نستوعب دروس الماضي ونحن نخطط للمستقبل.
وكل عام ومصر والعرب بخير.