تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
كل يوم تتكشف حقيقة توحش الذكاء الاصطناعي والقدر الكبير من التطور والتلاعب الذي يمارس ضد مستخدمي السوشيال ميديا.
هذه الحقيقة التي كشف عنها الفيلم الوثائقي الجديد المعضلة الاجتماعية The social dilemma هو فيلم جريء يكشف كواليس أو بالأدق مطبخ السوشيال ميديا، وكيف يتم تجهيز ما يظهر لنا على الشاشة بشكل مسبق ومحدد وفقًا لتحليل "سيكوتكنولوجي" لكل ما قمنا به من قبل.
تريستان هاريس، المختص في أخلاقيات التواصل الاجتماعي بجوجل سابقا، يؤكد أن وسائل التواصل ومحركات البحث لا تمارس العدالة الثقافية، فهو يشير أنه حينما تقوم بالبحث عبر جوجل ستظهر لك نتائج البحث وفقًا لنطاقك الجغرافي، وبالتالي فان أول محددات السلوك يتم التحكم فيها من قبل الخوارزميات؛ ليرى كل منا عالما مختلفا مصمما خصيصا له ليلائم أهواءه واختياراته وأفكاره، يقول لنا روجر مكنام أحد الخبراء في "فيسبوك" ومن ضيوف فيلم "سوشيال ديلما" أننا جميعا يتم التلاعب بنا تماما كما تم التلاعب بشخصية هاري ترومان "التي أداها الفنان الكوميدي المتمكن جيم كاري، نتقبل حقيقة العالم الذي يقدم لنا، الأمر بتلك البساطة" هذه الجملة التي قالها المخرج في فيلم "ترومان شو" تعبر حقا عما يتم تجاهنا، ويفسر حالة الاستقطاب المجتمعي الشديد في كل دول وثقافات العالم. فما كنا نعتقد أنه سيخلق مزيدًا من التبادل الثقافي بات يكرس الشعبوية ويعمق الهوة بين الشرق والغرب.
يستعرض الفيلم مدى الاستقطاب الحاد الذي سببته وسائل التواصل في المجتمع الأمريكي بين الجمهوريين والديمقراطيين. وإن كان هذا ما تسببه دائما وسائل الإعلام بكل أشكالها، فهي دائما ما تنشر ما هو تابع لسياستها سواء كانت حزبية أو مستقلة، فهي تحقق ما يطلبه رأس المال الممول..
يعترف عباقرة وادي السليكون:"لقد خلقنا جيلا كاملا يجيد التلاعب" فهذا الجيل يصنع اللحظات المزيفة ويتفاعل بشكل مصطنع.. جيل يعيش في فقاعة كبيرة !
أكثر الأجيال تأثرًا هم من يطلق عليهم جين z الذين ولدوا في عصر السوشيال ميديا ونشأوا في ظلها فتوافقنا شهادة ميلادهم مع حسابات لهم على وسائل التواصل ينشر فيها الآباء صورا لهم دون علمهم ثم الآن يطالبونهم بالكف عن استخدام ونشر الصور!
ذكرت في مقال سابق أن السوشيال ميديا تستخدمنا لتنمو وتتغذى على حياتنا وتتكسب من ذلك، وهذا أكده المسئولون عن استراتيجيات النمو في فيسبوك وتويتر وجوجل "أنها تستغل سيكولوجيتكم ضدكم "الهدف من الفيلم هو التوعية بهذا النوع الخطير من الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي ومخاطرها على كل الأصعدة بداية من الجانب النفسي والعقلي حيث لاحظت الدراسات الأخيرة تغيرًا في مناطق دماغية متأثرة بعدد الساعات التي يقضيها المرء على مواقع التواصل. أما عن الأضرار الأخرى فهي تتراوح بين ظهور أمراض مزمنة بين الشباب مرتبطة بقلة الحركة وضعف الشهية ومؤخرا الوفيات بالسكتة القلبية والدماغية بين المراهقين والشباب، وهذا ظهر في مصر مؤخرا، ناهيك عن ارتفاع معدلات الانتحار بين المراهقين بسبب التعليقات المسيئة والتنمر الذي يدمر حياة هؤلاء الصغار هباء!.
صُناع المعضلة الاجتماعية ذهبوا لما هو أبعد حيث دشنوا مبادرة بهدف تغيير سلوكياتنا والاتحاد سويا للوقوف ضد السوشيال ميديا والتحكم في ممارساتها ضدنا، كيف يمكن ذلك ببساطة عبر تقنين وقت الاستخدام وغلق الإشعارات بحيث لا تشتت أذهاننا وتقتل روح الإبداع. والأهم من ذلك هو ما يوصي به خبراء الفيلم عدم النقر على الإعلانات ومقاطع الفيديو التي تظهر لنا، وبذلك نمنع ونشتت نحن الذكاء الاصطناعي ومنصات السوشيال ميديا!
هكذا بدأت الحرب مبكرًا بين البشر والذكاء الاصطناعي ولعلنا نربح!