لم يعد الإعلام وسيلة من وسائل الترفيه والتسلية كما كان فى الماضي.. أفلام ومسلسلات وأغانى ومباريات وغيرها من المنوعات.. وإنما أصبح من أهم وأقوى الأسلحة التى تمتلكها الدول فى العصر الحديث.. خاصة مع ظهور أجيال جديدة من الحروب الحديثة.. التى تعتمد كليا على وسائل الإعلام والاتصال.. فلم يعد الإعلام ناقلا للأحداث وإنما موجها لها مشاركا فيها.. يستهدف عقول البشر ووعيهم.. بنشر الشائعات والأخبار الكاذبة والمعلومات المغلوطة.. لإشاعة الفوضى وإثارة النفوس وإيقاظ الفتن.. التى توقع بين أبناء الوطن الواحد.. وتولد الصراعات بينهم.. فيتقاتلون فيما بينهم.. ويدمرون أوطانهم بأيديهم.
واستخدام الإعلام فى الحروب ليس بجديد.. فقد كان موجودا بشكل أو بآخر فى معظم الحروب البشرية.. ولكن المثال الأبرز لدور الإعلام فى الحروب الماضية.. هو ما قام به جوزيف جوبلز.. وزير دعاية هتلر.. وأحد أبرز ﻣﻦ وﻇﻔﻮا الدعاية واﻹﻋﻼم ﻓﻲ اﻟﺤﺮب العالمية الثانية.. وهو صاحب المقولة الشهيرة.. "أعطنى إعلاما بلا ضمير أعطك شعبا بلا وعى".. ولعب دورا كبيرا فى توجيه الشعب الألمانى وتشكيل وعيه.. لتأييد هتلر فى حربه ضد الحلفاء.. وللأسف قتل جوبلز أطفاله الستة بالسم قبل أن ينتحر مع زوجته بعد انتحار هتلر.. لم يترك أبناءه يعيشون بعده.. ولكنه ترك لنا تلاميذا له.. يطبقون مقولته "اكذب واكذب.. حتى يصدقك الناس" ولكنهم يتميزون عنه.. بأنهم يمتلكون وسائل اتصال ومنصات إعلامية حديثة أسرع وأوسع انتشارا.
ومصر وهى تواجه تحديات الإرهاب والمياه ووباء كورونا.. وغيرها من التحديات.. تواجه إعلاما بلا ضمير.. وإعلاميون يكذبون كما يتنفسون.. لا هدف لهم سوى الإساءة لمصر.. وبث الشائعات والأخبار الكاذبة عنها.. لإحداث الفوضى وزرع الشقاق وبث الفتنة والسعى للوقيعة بين المصريين.. ورغم كشف المصريين لزيف شائعاتهم.. وكذب أخبارهم.. إلا أنهم لا يكلون ولا يملون.. ويواصلون كذبهم على أمل أن يأتى يوم ويصدقهم الناس.. ولكنهم واهمون.. يجهلون طبيعة المصريين ووعيهم وتمييزهم بين الكذب والصدق والغث والثمين.. فهم يكشفون الكذب ويلفظون الغث.. ووطنيتهم صادقة.. ووطنهم ثمين.. لا يفرطون فيهم مهما واجهوا من أزمات وتحديات.
ولأن الإعلام بمختلف وسائله التقليدية والحديثة.. جزء لا يتجزأ من كيان الدولة.. ومؤسسة من أهم مؤسساتها.. ويرتبط بأوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والعسكرية.. فيجب أن يكون أداة بناء وليس معول هدم.. ويسعى لتحقيق الاستقرار.. والإسهام فى مسيرة البناء والتنمية التى تشهدها مصر.. بعد سنوات الفوضى.. التى كاد خلالها الإعلام المضلل المسموم.. أن يحقق سعيه لإسقاط الدولة وتقويض أركانها.
والإعلام سواء المملوك للدولة.. أو المملوك للقطاع الخاص.. أو حتى الإعلام الموازى المتمثل فى مواقع التواصل الاجتماعي.. يجب أن يكون إعلاما وطنيا.. يعمل على حماية وطنه ودعم قضاياه وتحقيق أمنه واستقراره.. وتنمية وعى المواطنين.. ورفع روحهم المعنوية.. وترسيخ قيم الانتماء والوطنية فى نفوسهم.. وتوعيتهم بأخطار السموم المبثوثة من خلال الإنترنت والفضائيات المعادية والمأجورة.. وإفشال محاولات التأثير فى ولاء الفرد لوطنه وقيادته ورموزه.. ومواجهة حملات تشويه المنجزات ومحاولات بث الإحباط واليأس والاحتقان وضخ المشاعر السلبية بين طوائف وفئات الشعب.. ويستطيع الإعلام الوطنى تحقيق ذلك كله.. من خلال خطط وبرامج مدروسة ومنظمة.. لمواجهة هذه الحملات الممنهجة وإسقاط الأقنعة عن وجوه أصحابها الخونة والمتآمرين.. وكشف مخططاتهم الإجرامية الخبيثة.