الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ملحمة بطولية للعسكرية المصرية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حلت الثلاثاء الماضى الذكرى السابعة والأربعون لنصر أكتوبر العظيم، ذلك النصر الذى أعاد لمصر كرامتها ومكانتها بين الأمم، والذي كان بمثابة ملحمة بطولية سطرها تاريخ العسكرية المصرية بحروفٍ من نور، ويعكس مدى قدرة القوات المسلحة المصرية على التخطيط الاستراتيجى على مدى ست سنوات كاملة للوصول إلى هذا النصر. فقد سبق هذا النصر حرب الاستنزاف والتى أعطت لجنودنا فرصة التدريب الحى بالاشتباك المباشر مع مجموعات صغيرة مع العدو وفى عمق أرضنا التى احتلها شرق القناة.
وكانت حرب الاستنزاف بمثابة إعداد نفسى ومعنوى وقتالى للملحمة الكبرى في حرب أكتوبر المجيدة. وتزخر هذه الحرب ببطولات عديدة لم يتم توثيقها للأجيال الحالية والقادمة، ولم يتم تقديمهما في أفلام تليق بها سوى فيلم واحد تم إنتاجه مؤخرًا وهو فيلم "الممر". إن السينما الأمريكية خلدت حرب فيتنام بعشرات الأفلام السينيمائية رغم هزيمتها النكراء فيها، في حين أننا لم نخلد حرب الاستنزاف التى استمرت لسنوات رغم أننا انتصرنا فيها نصرًا مبينًا على العدو والأساطير التى روجها عن نفسه.
لقد مثلت حرب أكتوبر عبورًا من اليأس إلى الأمل في الغد لأجيالٍ كاملة كانت تعانى مذلة الانكسار وهوان النفس، ولكن هذا العبور لم يكن ليتحقق سوى بالتخطيط والإيمان بنصر الله وأن الحق لا بد أن ينتصر وأن الباطل لا بد أن يزول، كما وعد الله عباده المتقين. إن اختيار شهر رمضان لكي نبدأ فيه هذه المعركة الكبرى يتقاطع بشكلٍ مباشر مع أولى غزوات رسول الإسلام صلوات الله وسلامه عليه في غزوة بدرٍ الكبرى، وكان صياح المقاتلين من جنود مصر الأشداء "الله أكبر" تزلزل ليس فقط الأرض من تحت أقدام عدوهم، ولكنه كان يزلزل الكون بأكمله بعزيمة الرجال وقوة الإيمان واليقين في نصر الله.
لقد كانت إسرائيل تُفَاخر بأنها انتصرت في حرب 1967 في ستة أيام، فانتصرت مصر في 1973 وعبرت قناة السويس وحطمت خط بارليف في ست ساعات، وهذا يُعد معجزة في التاريخ العسكرى، وخاصة في ظل وجود مانع مائى وخط حصين مرتفع ومزود بمواسير "النابالم" التي يمكن أن تحول صفحة القناة إلى نيران مستعرة وتحول كل من يريد أن يعبرها من الجنود المصرييين إلى مادة للشواء. ولكن روعة التخطيط الاستراتيجى المصرى هى التى استطاعت أن تتغلب على كل هذه التحديات وتقهرها بالتدريب والدأب والأفكار المبدعة للرجال في استخدام خراطيم المياه في فتح الممرات في الساتر الترابى، وسد مواسير "النابالم" وتعطيلها عن العمل.
لقد كسرت حرب أكتوبر الجمود وحالة اللاسلم واللاحرب التى فرضها الإسرائيليون على ساحة المعركة، واستطعنا بهذه الحرب أن ننتصر لنعيد جزءًا عزيزًا من أرضنا السليبة. ولم يكن أكتوبر هو المعركة الوحيدة التي خضناها مع إسرائيل، بل خضنا ضدهم معركة السلام، التى كانت أشد صعوبة ومرارة من معركة الحرب؛ فالمفاوض الإسرائيلى مفاوضٌ عنيد لا يريد أن يمنح شيئًا لمن يفاوضه، ولنا في المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية التى استمرت عقودًا دون نتيجة عبرة وعظة، ولكن النصر الذى حققناه وبراعة المفاوض المصرى جعلتنا نسترد سيناء الغالية، ونعيدها إلى الوطن الأم كاملةً غير منقوصة.
إن السادس من أكتوبر لم ولن تكون حربًا من الماضى لمرور 47 سنة على خوضها، ولكن السادس من أكتوبر سوف تظل في ضمير كل مصري كنموذج للتضحية والفداء والتخطيط والتدريب والتجهيز. والأهم من ذلك كله – في رأينا – أن السادس من أكتوبر هو بوابة مصر للعبور إلى المستقبل؛ فاستلهام روح أكتوبر لا شك أنها تمدنا بطاقة معنوية هائلة في حربنا الضروس التي نخوضها حاليًا ضد الإرهاب سواء في مصر أو خارجها في منطقتنا العربية التى يحيط بها الإرهاب ويتخللها في كل مكان.
واهمٌ من يظن أن للإرهاب والإرهابيين مستقبلٌ في سيناء، فسيناء مقبرة الغزاة على مر التاريخ بدايةً من الهكسوس مرورًا بالرومان والمغول والتتار والفرنسيين والإنجليز وانتهاءً بالإسرائيليين، كل هؤلاء مروا من هنا يلحقهم العار.. عار الهزيمة وصمود الرجال والأرض التي تلفظ كل من هو غير مصرى. إن حربنا ضد الإرهاب في سيناء أولوية قصوى حققنا فيها الكثير ولا زلنا نقوم بتطهير هذه البقعة الغالية من مصرنا الحبيبة من ذيول الإرهابيين وأذنابهم ممن لا يريدون الخير لمصر. ستظل سيناء رمزًا للصمود والنصر ودحر كل معتدٍ أثيم على كل ذرة من ترابها المقدس الذي مر عليه الأنبياء والرُسل وجنود مصر الشجعان على مر الزمان من جنود أحمس الذى طرد الهكسوس إلى جنود مصرنا الحديثة الذين طردوا منها الغاصبين.. إلى القائد عبد الفتاح السيسي الذى يقود حربًا ضارية ضد الإرهاب في سيناء.