رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

روح أكتوبر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مع مجيء شهر أكتوبر من كل عام، ومع الحديث عن ذكريات النصر العظيم، أشعر بإحساس مختلف وطاقة إيجابية غير عادية، وكأن روح أكتوبر قد جاءت لتعيد إلينا الأمل والتفاؤل، بأن القادم أفضل بإذن الله تعالى. 
ذكريات هذا النصر العظيم وهذه الملحمة الوطنية الفريدة لكل من عايش أحداث أكتوبر من أبناء جيلي، تعيد إلينا الثقة بالنفس والطمأنينة، بأن هذه الأمة العظيمة لقادرة على التغلب على مشكلاتها وتحويل الهزيمة المؤقتة إلى النصر المبين وفي وقت قصير، مثلما حدث ما بين 1967 و1973، لقد باتت ذكرى انتصارات أكتوبر من أعظم المناسبات الوطنية التي يلتف حولها كل مصري وعربي من المحيط إلى الخليج.
ذكريات يوم السادس من أكتوبر العاشر من رمضان أشبه ما يكون بملحمة وطنية شارك فيها كل أبناء الوطن العربي الكبير، وتجلى فيها مقدرة كل الأقطار العربية على الوقوف صفًا واحدًا للدفاع عن الأمن القومي العربي. وبالنسبة لأبناء جيلي، حتى من كان منا طفلًا دون العاشرة من العمر، فقد أكسبتنا معركة أكتوبر المجيدة مناعة مكتسبة تعيش معنا طوال العمر. مناعة قادرة على حمايتنا من التسليم للهزيمة أو فقدان الأمل. مناعة تجعلنا نشعر ونحن في أحلك الأوقات وأصعب الظروف، أن النصر قادم لا محالة، مناعة تجعلنا نفخر بأصالة وعبقرية هذا الشعب، وقوة وشجاعة قواته المسلحة. مناعة تجعلنا نثق بالقومية العربية، حتى وإن بدت بعض الاختلافات هنا وهناك. مناعة تجعلنا نتمسك بالأمل والعزيمة، وأن قضايانا المعاصرة سوف تجد طريقها إلى الخلاص، وأننا سوف ننتصر في النهاية.
ذكريات نصر أكتوبر فرصة عظيمة لشحذ الهمم ولرفع الروح المعنوية لأبناء هذا الجيل من المصريين. 
لا بد أن نحكي للأجيال الحالية عن التخطيط المحكم والتنفيذ المعجز لهذه الحرب. لا بد أن نذكرهم أننا لم نستسلم لمرارة الهزيمة وأننا خططنا ببراعة لاستعادة الكرامة. لا بد أن نحكي عن مفاجأة وقوع الحرب، وعبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف، واللحمة الوطنية وتكاتف أبناء هذا الشعب خلف قواته المسلحة. لا بد أن نعيد عليهم البيانات العسكرية التي كنا ننتظرها، وكأننا ننتظر إعلان نتيجة الثانوية العامة. لا بد أن نعيد إذاعة الأغاني الوطنية التي كانت تلهب إحساسنا بصوت عبدالحليم حافظ وشهرزاد ووردة. هذه الأغاني التي كانت وما زالت تبعث في نفوسنا السعادة رغم مرور ٤٧ سنة على حدوثها. 
لا بد أن نتذكر خطابات الزعيم الراحل محمد أنور السادات في مجلس الشعب خاصة مقولته الخالدة: "إن هذا الوطن يستطيع أن يطمئن ويأمن بعد خوف وأنه قد أصبح له درع وسيف".
وحكاوي البطولات الفذة للجنود والضباط، وصور الطائرات المصرية وهي تعبر القناة وصور دبابات العدو المحترقة في سيناء، وذكريات معركة المنصورة الجوية التي شاهدتها من فوق سقف بيتي، كلها محفزات للتفاؤل واستعادة الثقة والإيمان بعزيمة هذا الشعب.
ذكرى الاحتفال بنصر أكتوبر فرصة سنوية لاستعادة روح أكتوبر وتجديد وعي هذه الأمة، وأتمنى أن نقيم الاحتفالات في كل تجمعات الشباب، الذين لا يعرفون الكثير عن روعة وعظمة هذه الحرب، وأن يتحدث إليهم أبطال ملحمة أكتوبر من رجالات القوات المسلحة والمخابرات والضباط والجنود الذين شاركوا في المعركة. 
أعتقد أن رجال القوات المسلحة الذين شاركوا في ملحمة أكتوبر، أطال الله في أعمارهم، يمثلون لنا كنزًا، ويجب أن نستمع إلى قصصهم وبطولاتهم الفذة. إن أكثر ما يقلقني هو معرفتي بوفاة أحد أبطال ملحمة أكتوبر، وأخشى أن يجيء اليوم الذي لا نجد فيه من يذكرنا بيوم من أنصع أيام هذه الأمة، ألا وهو نصر أكتوبر العظيم. كل سنة ومصر وشعبها وجيشها وقادتها بخير ونصر وعزة وكرامة، وأنهي حديثي ببعض كلمات أغنية شادية يا حبيبتي يا مصر.
"يا حبيبتى يا مصر" كلمات محمد حمزة وألحان بليغ حمدي.
يا حبيبتى يا مصر يا مصر
يا بلادى يا أحلى البلاد يا بلادى،
مشفش الرجال السمر الشداد فوق كل المحن، ولا شاف العناد في عيون الولاد وتحدي الزمن، ولا شاف إصرار في عيون البشر بيقول أحرار ولازم ننتصر.. أصله معداش على مصر..
يا حبيبتي يا مصر يا مصر.