على مدار الفترة الماضية والتي تلت تطبيق مصر للإصلاح الاقتصادي، اختلفت آلية عمل العديد من القطاعات الاقتصادية في مصر، ومن بين تلك القطاعات كان القطاع المصرفي المصري يعمل بخطوات سريعة نحو إعادة هيكله وتغير العديد من آليات عمله واستحداث إدارات جديدة بداخله لمواكبة كافة التغيرات والتطورات التي حدثت للاقتصاد المصري، فلم يعد الهدف الرئيسى للقطاع المصرفى المصرى هو جذب المزيد من شرائح العملاء وتحقيق أقصى ربحية ممكنة فقط، بل انتهجت البنوك المصرية أسلوباً ونهجاً للتخفيف من حدة الأزمات المالية التى يتعرض لها المواطنون، وعلى عكس ما يعتقده البعض فإن القطاع المصرفى يضخ جزءاً من صافى أرباحه لتنمية المجتمع وتلبية احتياجات الأفراد دون الحصول على مقابل مادى، وهو ما عكسته مؤشرات السنوات الماضية التى توضح زيادة الدعم الموجّه من قبَل البنوك لتنمية المجتمع، حيث ارتفعت نسبة مساهمة البنوك فى التنمية المجتمعية إلى 9.1 مليار جنيه منذ عام ٢٠١٤ وحتى الآن.
ولاشك أنه حدثت نقلة نوعية فى إدارة برامج المسئولية المجتمعية تحديدا من عام ٢٠١٥ لتتصدر أجندة أعمال القطاع المصرفى، حيث قام البنك المركزي بإنشاء أول وحدة للمسئولية المجتمعية بهدف الوصول لكافة المستويات ودعم كافة فئات المجتمع.
وتم تأسيس وحدة المسئولية المجتمعية بالبنك المركزى وذلك لصياغة رؤية جديدة حول تفعيل دور البنوك ومشاركتها في تحقيق التنمية المجتمعية من خلال كافه البنوك التي تعمل تحت إدارة القطاع المصرفي المصري وخلق أدوات اتصال بين المؤسسات المصرفية بما يضمن استفادة كافة شرائح المجتمع، وضماناً لتحقيق أعلى درجات الشفافية فيما يتعلق بأوجه الإنفاق فى هذا المجال الحيوى، وتعميق الآثار الإيجابية للمساهمات المجتمعية للقطاع المصرفي في هذا الأمر.
وتمكنت وحدة المسئولية المجتمعية من زيادة حصيلة مساهمات البنوك لتنمية المجتمع من 345.4 مليون جنيه خلال عام 2014 لتصل إلى 2.3 مليار جنيه حتى الآن، وذلك من خلال اجتماعات دورية تجمع ممثلين عن كافة البنوك لمناقشة أهم احتياجات المجتمع ومتطلبات الحكومة التى قد تتمكن البنوك من المساهمة فى تمويلها.
وبلغت إجمالى مساهمات البنوك لدعم وتنمية المجتمع حوالى 9.1 مليار جنيه فى الفترة من 2014 حتى الآن، وتصدرت مشروعات تنمية المناطق الفقيرة تمويلات القطاع المصرفى لتصل إلى 2.5 مليار جنيه، كما حصل قطاع الصحة على دعم كبير قُدر بـ2.2 مليار جنيه، يليه التكافل الاجتماعى الذى حصل على مليار جنيه، وقطاع التعليم الذى حصل على 923 مليون جنيه، وغيرها من القطاعات الأساسية لتنمية المجتمع كدعم ذوى الإعاقة، وتمكين المرأة، ودعم المشروعات الصغيرة المتوسطة دون مقابل، وتدريب الشباب، ودائماً ما تتوافق توجهات القطاع المصرفى مع مبادئ رؤية 2030 التى تهدف لتحقيق التنمية المستدامة.
بالإضافة إلى ذلك يقوم البنك المركزي بعقد لقاءات مع السادة المحافظين، وذلك للتعرف على احتياجات كل محافظة وتحديد الأولويات وفقاً لمتطلبات واحتياجات مواطني تلك المحافظات، كما يتواصل البنك المركزى باستمرار مع الحكومة ويقدم الدعم وفقاً لاحتياجات كل وزارة، وتتصدر متطلبات وزارة الصحة على رأس أولويات التمويل وبرامج المسئولية المجتمعية للبنوك المصرية.
ولاشك فقد قدم القطاع المصرفي المصري دورا هاما وقويا في إطار مواجهة جائحة كورونا سواء من حيث الدعم المالي لوزارة الصحة أو من جلال المبالغ المالية التي قدمتها البنوك المصرية دعما منها لمستشفيات وزارة الصحة لتوفير كافة المستلزمات الطبية التي تحتاجها تلك المستشفيات ، وكذلك الدعم الموجه أيضا في الظروف العادية للقطاع الصحي فى دعم الحالات الحرجة وقوائم الانتظار فى المستشفيات الجامعية والمستشفيات الحكومية.
وتقوم كافة البنوك المصرية الآن بمشاركة المعلومات الخاصة بأنشطة المسئولية المجتمعية للبنوك، بما يساعد على تبادل الخبرات وتعظيم النتائج، كما تم الاتفاق على تنسيق الجهود لتوزيع الأنشطة المجتمعية على المحافظات بشكل أكثر عدالة، بحيث لايتم تكثيف الأنشطة فى محافظة ما وحرمان محافظات أخرى، مع إرسال تقرير مجمع كل 3 أشهر عن نتائج أعمال البنوك فى ملف المسئولية المجتمعية، بالإضافة إلى طرح رؤية للتركيز على المحافظات الحدودية فيما يتعلق بالمسئولية المجتمعية، خاصة فيما يتعلق بمجال التعليم. وبناء عليه تم الاتفاق بين البنك المركزى والبنوك على وضع خريطة لمشروعات المسئولية المجتمعية للبنوك فى المحافظات يتم الاسترشاد بها فى المشروعات المستقبلية.