رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إلى وزارة الصحة.. مراد منير يدق ناقوس الخطر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ بضعة أيام وفى الصباح الباكر تفاجأ الوسط الثقافى والفنى برسالة استغاثة أرسلها الفنان الشاب يوسف مراد منير يعلن فيها عن إصابة والده، وذلك نص الرسالة:
"اللهم إليك أشكو ضعف قوتي.. وقلة حيلتي"
أنا يوسف مراد منير.. بابا جاله جلطة في المخ من شوية.. أكتر ليلة رعبتني في حياتي.. وكان لازم يبات في المستشفي بس الظروف ماسعدتناش ورجعنا بيه على البيت.. وأنا لا حول لي ولا قوة.. ولا عارف أبيته في مستشفى ولا عارف أعمل أي حاجة غير إني بدعي له.. كل اللي أنا طالبه دعواتكم.. وشوية حب من اللي كان بيحبه لخلق الله كلهم. 
{وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}
يا رب انت الوحيد اللي تقدر".. أصاب الجميع حالة فزع على هذا الإنسان والفنان المتميز، والذى أعطى للمسرح خلاصة جهده وخبراته، وحاول قدر المستطاع أن يقدم مسرحا محترما ينشط العقل ويداعب الوجدان ويقوى الانتماء، فسر البعض كلمات يوسف مراد أنها قد تكون لعدم قدرة الابن توفير المبلغ المالي الذى يلزم لحجز أبيه في المستشفى!!.. وربما ذلك الشعور كان نتيجة معرفة الوسط الفنى أن مراد منير ليس من اللاهثين وراء المال، فلم يتاجر به كما يفعل البعض، وكذلك زوجته الفنانة القديرة المحترمة المرحومة فايزة كمال هى أيضا رغم موهبتها وبراعتها في التمثيل إلا أنها حرصت دائما على تقديم الفن الهادف والذى يطلق عليه فن نظيف، فكانت رحمها الله تبحث عن الجودة والقيمة المعنوية دون النظر للمكاسب المادية التى تحصل عليها من هن أقل منها موهبة وجمالا، فلم يجمعا طوال تاريخهما الفنى ثروة للأبناء أو بعض الثراء الذى يلبى متطلبات الزمن، لقد سارعت بالاتصال بالأستاذ مراد عقب قراءة رسالة ابنه ليرد على يوسف وهو يرتعد خوفا على أبيه والذى لم يتبق له وشقيقته ليلى إلا هو بعد وفاة أمهما وبعد رحلة المرض الذى أصابها وخطفها منهم سريعا، ومما زاد صدمتى علمى بنشاط المخرج الكبير خلال تلك الفترة، فقد أخرج مسرحية "فرحة" ضمن المسرحيات التى قدمتها وزارة الثقافة الفترة الماضية، في إطار المبادرة التى أطلقتها لتقديم عروض أونلاين، وكان يستعد أيضا لعرض مسرحتى (قسمتى كده، والسلطانية) ضمن نفس المبادرة.. بالإضافة لكتابته سيناريوهات ونصوص مسرحية، إلى جانب ما أعتبره أهم كتاباته وهى قصة حياته التى انتهى من كتابتها وعنونها بـ "الغجرى: مذكرات مخرج مسرحى"....
وكان يستعد لطباعتها، ونلت شرف الاطلاع عليها قبل النشر.. فكنت متابعة لهذه الأعمال وسعيدة بها وخاصة لما يعانيه المخرج الكبير من مواجع فقد زوجته وحبيبته وشريكة عمره فايزة، زادتنى مكالمتى مع يوسف حزنا وألما فحكى لى أنها أسوأ ليلة مرت عليه في حياته، وشعرت لهفته وخوفه وقلة حيلته ودموعه التى كدت أراها بإذنى، وعرفت منه تدخل نقيب الممثلين د.أشرف زكى، واتفاقه مع أحد المستشفيات لاستقباله.. وعلمت بعد ذلك أن المستشفيات الخاصة التي كانت بالقرب من منزلهم رفضت استقباله أو إسعافه قبل أن يتم الدفع مقدما، وبالطبع كان المبلغ كبيرا لا يمكن توفيره بسرعة لإنقاذه، فتركوه وهو يعانى جلطة في المخ تستلزم تدخلا سريعا، ولم يستطع أبناؤه سوى العودة به للمنزل وهو في نفس الحالة.
لا حول ولا قوة إلا بالله، وماذا تفعل الحالات الخطيرة التى تفرق الدقائق في إنقاذها!! كيف تترك مستشفى مريضا وهم يعلمون أنه ربما يلفظ آخر أنفاسه على باب المستشفى?! كيف نترك مريض ذبحة صدرية أو أزمة قلبية أو جلطة كما حدث للأستاذ مراد?! أين الإنسانية والرحمة بالمريض وأهله وهم يرونه يموت أمامهم ولا يملكون له شيئا?! فهذا المبدع وجد نقيب الممثلين يسرع بالمساعدة وتوفير مستشفى يستقبله، فماذا عن الآخرين?!.. ما يحدث كارثة بكل المقاييس، ومرض المخرج الكبير ناقوس خطر للمجتمع، عليه أن ينتبه أن هناك من يموتون لهذا السبب ولا نعلم عنهم شيئا، لذا أناشد السيدة الفاضلة دكتورة هالة زايد وزيرة الصحة أن تصدر قرارات تحمى المرضى وأهلهم من تلك المعاناة الشديدة.. أما عن صديقى المبدع الكبير فقد تدخلت الرئاسة بمجرد العلم بإصابة المخرج الكبير تقديرا لقيمة الفن والفنانين، وتم نقله لمستشفى المعادى للقوات المسلحة، فهو فنان كبير وقدم الكثير ومصر دائما معطاءة لا تأكل أبناءها.