الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الخوف من عودة نشاط كورونا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في ظل تواتر الأنباء عن عودة نشاط فيروس "كورونا" مرة أخرى وتسجيل عدد من الدول إصابات جديدة إلى حديث الصباح والمساء، فلا يكاد يخلو منزل أو جلسة من حوار بشأنه، خصوصًا مع سهولة انتقاله من دولة إلى أخرى كالنار في الهشيم.. الوباء الذي انتشر في العالم كله، ما زال بوسعه إثارة الرعب بين الناس فضلًا عن الدوائر الحكومية، وكذا المنظمات الدولية لإيجاد طريقة ناجعة في التعامل معه والتوصل للمصل المناسب للقضاء عليه.
حالات الهلع التى تنتاب العالم هذه الأيام ليست الأولى، كما أنها بلا شك لن تكون الأخيرة، فتاريخ البشرية متخم بالأوبئة.. وكلما توصل العلماء لعلاج أو مصل لفيروس ما، سرعان ما ظهر غيره ليقف العالم حائرًا أمامه ومكافحًا له.
ومن المعروف عن علم الأوبئة اهتمامه ببحث ودراسة العدوى الجماعية وليس بالحالات الفردية للمرض. ومن هنا فإن الأمراض الوبائية هى الأمراض التى تصيب أعدادًا كبيرة من البشر وبذلك فليست كل الأمراض المعدية وبائية.
ورغم أن هذا العلم - كما جاء في مقدمة كتاب الأوبئة والتاريخ - يهتم بدراسة سبب المرض الذى يسبب العدوى الجماعية فإنه يهتم بمسألتين على وجه الخصوص وهما، أولًا: انتشار الأمراض في المكان وبين الجموع مثل الجموع العمرية والعرقية والإثنية وكذلك الجموع التى تعتمد على الجنس (الذكور والإناث).
ثانيًا: العوامل التى تؤدى إلى انتشار هذه الأمراض، مثل العوائل الناقلة كالحشرات والفئران، وبذلك فعلم الأوبئة يهتم بكل الأسئلة حول المرض عدا تلك التى تتعلق مباشرة بأعراض هذه الأمراض وطرق الشفاء منها.
ومع ظهور أى فيروس جديد وغريب تسود المخاوف من انتقال العدوى بين الناس إذ من المعلوم أن طرق انتقال العدوى لا تتوقف عند الاتصال المباشر فقط كما في حالة الأمراض الجلدية كالجرب، أو في حالة الجماع كالزهري. لكنها تتم أيضا عن طريق الهواء والرذاذ المتطاير كما في حالتى السل والإنفلونزا. ويعد الجهاز الهضمى أحد الطرق التى يتم من خلالها انتقال العدوى فبتناول الطعام والشراب الملوث تحدث الإصابة بالفيروس كما في حالة الكوليرا والدوسنتاريا الأميبية. وتنتقل العدوى أيضًا عن طريق العوائل الناقلة مثل الطاعون الذى ينتقل عن طريق البراغيث والحمى الصفراء ومرض الفيل والملاريا التى تنتقل عن طريق البعوض.
إن الأمراض تحدث نتيجة الإصابة بالفيروسات والبكتيريا والأوليات وأنها - كما جاء في الكتاب - مثلها مثل باقى الكائنات الحية إذ تنحو الفيروسات إلى التكاثر من أجل الحفاظ على نوعها وقد تموت بموت الشخص الحامل لها. أو أن مقاومة الجسم الذى تعيش فيه قد يقضى عليها. ولتفادى الحالتان تلجأ هذه الكائنات الضارة والمميتة أحيانا إلى العمل على استمرارية انتقالها من عائل إلى آخر.
يطرح شلدون واتس، مؤلف الكتاب، سؤالًا بالغ الأهمية وهو: أين تذهب هذه الكائنات عندما لا تكون في العائل؟ أو أين تختبىء؟ وهل تختفى تمامًا عندما تزول الأعراض؟.
تحدث العدوى بطريقة سريعة في بعض الفيروسات مثل فيروس الإنفلونزا وتظهر الأعراض خلال ساعات قليلة لكونه من الفيروسات الهشة التى لا تستطيع العيش في أشعة الشمس أو تتحمل الجفاف أو المواد الكيماوية لذلك هى تبحث بسرعة عن عائل لتختبىء فيه وتتكاثر وتنتقل من شخص إلى آخر عن طريق الرذاذ والهواء.
وفى حالات أخرى تأخذ العدوى فترة طويلة من أجل ظهور الأعراض يتمثل ذلك في أنواع معينة من الأمراض مثل مرض السل الذى إذا تُرك بدون علاج يمكن أن يسبب الوفاة للشخص المصاب لكنه يأخذ عدة سنوات ليفعل ذلك حيث إن الأعراض تظهر ببطء والعدوى هنا تكون مزمنة.
ويشير الكتاب إلى الأمراض التى تعاود الظهور مرة تلو أخرى مثل ميكروب الأنثراكس الذى يسبب الحمى الفحمية في الإنسان والحيوان وهو يؤدى إلى نزيف حاد والموت المؤكد، وعندما يتعرض هذا الميكروب للهواء لحظة خروجه مع نزيف الدم يأخذ الشكل الجرثومى الذى يستطيع مقاومة الحرارة وأشعة الشمس لعدة سنوات. وبذلك يعاود هذا الميكروب الظهور مرة ثانية عندما تتهيأ له الظروف لعدوى الإنسان أوالحيوان.
الطريقة الثالثة التى تضمن استمرارية العدوى تتم عن طريق الانتقال والتكاثر داخل عائل آخر غير العائل الأساسي. فهذه الميكروبات تعيش وتتكاثر وتنتقل بين عدة عوائل. ففى حالة ميكروب الطاعون الذى تحدث أعراضه المميتة بصفة أساسية في الإنسان، يمكن أن يتكاثر ويعيش داخل الفئران، كما يمكن أن يتكاثر داخل البراغيث التى تعيش على الفئران وتهاجم الإنسان، وفى هذه الحالة تعد البراغيث مخزنًا لتكاثر العدوى ونشرها. وهنا ينتقل العامل المسبب للمرض بين ثلاثة عوائل وهي: الإنسان والفئران والبراغيث، كما تنتقل الملاريا بين عائلين أحدهما هو الإنسان والآخر هو البعوض.
رغم المخاوف والتحذيرات من انتشار فيروس "كورونا" مرة أخرى فإن فرص العثور على لقاح ومن ثم مكافحته تظل مطروحة كما حدث مع كل الفيروسات والأوبئة التى عرفتها البشرية وحتى ذلك الحين فيتوجب على الجميع الحذر من التعرض لهذا الفيروس الفتاك.