من المقرر أن تعلن الهيئة الوطنية للانتخابات غدا الأربعاء النتائج النهائية لانتخابات مجلس الشيوخ، والتي جرت الأسبوع الماضى مرحلة الإعادة على 26 مقعدا فرديا لم يتم حسمها فى مرحلتها الأولى من الاقتراع.
وفى كل الأحوال تبقى هناك دروس مهمة من هذه الانتخابات لا بد من بحثها ودراستها، مع التأكيد على أننى أرى أن الهيئة تعاملت مع الانتخابات بشفافية عالية، من حيث الإعلان عن نسب المشاركة الحقيقية، والأصوات الصحيحة والباطلة، وهو الأمر الذى سيسهم فى البحث برؤية واضحة.
فقد جرت عمليات التصويت تحت إشراف نحو 17 ألف قاضٍ بمعاونة 120 ألف موظف من العاملين بالجهاز الإدارى للدولة، وذلك لاختيار 300 نائب بواقع 100 للقائمة و100 بالنظام الفردى فيما سيتم تعيين 100 نائب آخرين بقرار من رئيس الجمهورية، فى مرحلة لاحقة.
السؤال الذى طرح نفسه لماذا تراجع عدد المشاركين فى الانتخابات ليبلغ 8 ملايين و959 ألفا و35 صوتا بنسبة مشاركة 14.23%، من إجمالى من لهم حق التصويت، خصوصا أننا مقبلون على انتخابات برلمانية، فقد وصلت نسب المشاركة فى بعض الدوائر إلى 7% و10%.
ويصبح السؤال مهما وأكثر إلحاحا إذا ما وضعنا فى الاعتبار الانتخابات البرلمانية المقبلة، وفى ضوء نسب المشاركة فى الانتخابات قبل 5 سنوت، والتى وصلت إلى أكثر من ضعف المشاركة العامة فى انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة، حيث بلغت المشاركة فى انتخابات برلمان 2015 نحو 28.2%، وتخطت 44،7% فى بعض الدوائر.
والسؤال الآخر حول إجمالى عدد الأصوات الصحيحة فى انتخابات مجلس الشيوخ، والتى بلغت7 ملايين و577 ألفا و741 صوتا بنسبة 84،6%، وبلغ عدد الأصوات الباطلة مليونا و381 ألف صوت، بنسبة 15،4%، فيما كانت النسب للأصوات الصحيحة فى انتخابات برلمان 2015 نحو أكثر من 98،2%، والباطلة دون 1،8%.
هذه الأرقام وتراجع إقبال الناخبين على الاقتراح يطرح العديد من التساؤلات، هل الأمر يتعلق بكون أن مجلس الشيوخ تكوين سياسى جديد على الناس وفى ظل انتخابات لمجلس هى الأولى بعد إقرار تعديلات الدستور فى العام 2019، أم أن الناخبين يعتبرونه مثيلا لمجس الشورى، والذى تم إعادته مرة أخرى بعد إلغاء دستور 2014، وأنه ليس له صلاحيات تشريعية، ومجرد جهة استشارية؟!.
وهناك أسباب أخرى تتعلق بأن الناخبين يتعاملون مع مجلس الشيوخ، بأن أعضاءه سينجحون تحت نظام القائمة، التى تتضمن نجاح 100 عضو، دون جهد معتمدين على القائمة، وحصولها على 5% فقد من الكتلة التصويتية، وبالتالى لم يبذل المرشحون أى جهد بين الناس، للتعريف ببرامجهم السياسية، ومواقفهم من هموم ومطالب جمهور الناخبين فى القرى والمدن والأحياء، فكثير من الناخبين يؤكدون أنهم لا يعرفون الغالبية العظمى من الناخبين.
سبب آخر يتعلق بأن الانتخابات جرت فى ظل الظروف التي تمر بها الدولة والعالم، مع وباء كورونا، وهو ما قد يكون أدى إلى حالة عزوف عن المشاركة، خشية الإصابة بفيروس كورنا، بالرغم من كل الإجراءت التي أعلنت عنها جهات الدولة المختلفة، والهيئة العليا للانتخابات، وما تم اتخاذه من إجراءات احترازية.
الأمر برمته كليا أعتقد أنه لا بد أن يكون مقلقًا، خصوصا إذا ما كان العزوف أو قل المقاطعة الصامتة من الناخبين، بالرغم من التلميحات بالعقوبات على عدم المشاركة فى الاقتراع، وما جرى من جدل حول هذا الأمر، إلا أن المشاركة جاءت ضعيفة جدا.
من المهم أن يتم بحث كل الأمور والأسباب، ونأخذ بعين الاعتبار رأى الجمهور حول السياسيات والقرارات التى تتخذها الحكومة في هذه المرحلة والتى تزامن جزء منها مع انتخابات مجلس الشيوخ، وستمتد لفترة انتخابات مجلس النواب، خصوصا تلك التى تمس الناس في حياتهم، مثل مصالحات المباني، والتي مازالت غامضة في جوانب منها، وهل ستطبق على كل مبنى في مصر مهما كان زمن بناءه، والمبالغة في بعض الرسوم، بخلاف قضايا أخرى، مثل رفع رسوم تسجيل السيارات، وملصقات السيارات، وارتفاع تكاليفها، بخلاف الغلاء، وحالة الركود، وفرض رسوم مختلفة وجديدة، أو مجددة.
أعتقد أن هناك تقصيرا جرى فى الحملات الانتخابية لمجلس الشيوخ، خصوصا من أعضاء القائمة، ويتحمل جزء منه المرشحون الفرديون، وبالتالى فالعبء سيكون ثقيلا على مرشحى البرلمان، وسيكون العبء أكبر على المرشحيين الفرديين، للحوار بين الناس ومع الناس، حول قضاياهم، والإستماع إليهم، لإزالة القلق بينهم والإجابة على تساؤلاتهم، ولإقناع الناخب بالذهاب لصناديق الانتخابات، ونضمن مشاركة أعلى وأكبر لبرلمان عليه مهمة ثقيلة فى مراحل إعادة بناء الدولة المصرية.