الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

سيدة القطار وبائع "الفريسكا" إبراهيم أبوكيلة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من الطبيعي أن يبرز الإعلام.. الجوانب الإيجابية وقصص النجاح والتفوق غير التقليدية في المجتمع.. لتشجيع الجميع على الاقتداء بها.. وإشاعة الطاقة الإيجابية بين الشباب وتحفيزهم على التفوق.. ولكن المبالغة في النشر.. قد تكون سببا في تحول تلك القصص والنماذج الناجحة.. إلى مادة خصبة للسخرية والتهكم.. وتؤدي إلى نتائج سلبية وضارة.
النجاح والتفوق والأصالة والطيبة والمروءة والشهامة.. وغيرها من الصفات الحميدة.. صفات سائدة في الشخصية المصرية.. ولكن التركيز عليها بشكل مبالغ فيه.. يظهرها وكأنها صفات متنحية.. أو طفرة في سلوك الإنسان المصري.. إبراهيم عبدالناصر بائع "الفريسكا" الذي حصل على 99.6 % والتحق بطب الإسكندرية.. وآية طه حسين.. بائعة الأحذية.. التي حصلت على 99.1 % والتحقت أيضا بطب الإسكندرية.. وهبة عبدالحميد.. بائعة التين الشوكي.. والتي تدرس في أكاديمية الطيران.. ومن قبلهم مريم ابنة بواب مدينة نصر.. والتي التحقت بطب عين شمس وتواصل تفوقها بها.. ونماذج أخرى كثيرة.. لم يتناولها الإعلام.. ولم يكن لها حظ هؤلاء المحظوظين.. تؤكد أن الإنسان المصري مكافح.. وأنه عندما يصر على النجاح والتفوق.. يحقق مراده ومبتغاه.. ويتفوق على نفسه.. إذا أتيحت له الفرصة.. وهذه الصفات أصيلة متأصلة فينا منذ زمان بعيد.. فمنذ 42 عاما.. عام 1978.. حصلت على الثانوية العامة.. وكان الأول على الثانوية العامة في هذا العام.. الديب مبروك الديب "الأستاذ الدكتور بكلية الطب جامعة الإسكندرية حاليا " والذي سكن معي في نفس السكن.. الذي كانت تستأجره جامعة الإسكندرية للمستجدين "فندق عابدين".. قبل أن ننتقل في السنة التالية للمدينة الجامعية.. وكان من أسرة بسيطة بمحافظة البحيرة.. مثل أكثر من 90 % من أسرنا المصرية.. وكان يستحق أكثر مما استحقه إبراهيم وآية وهبة ومريم من نشر وتكريم.. ولكننا لم نكن في ذلك الوقت.. نملك مواقع تواصل اجتماعي وفضائيات وصحف ومجلات ومواقع إخبارية.. فقط.. قناتين تليفزيونيتين وثلاث صحف وعدد من محطات الإذاعة.. لم تكن متاحة للجميع.. كما تتاح مختلف وسائل الإعلام والاتصال الحديثة للجميع الآن. 
أما ما قامت به صفية إبراهيم أبوالعزم.. المدرسة بالمحلة الكبرى.. والتي عرفت إعلاميا بـ"سيدة القطار".. فهو صفة سائدة وطبيعية في الشخصية المصرية.. فعلته بتلقائية.. دون أن تدري أن هناك من يصور الموقف.. أو تعلم أن ما فعلته سيكون حديث السوشيال ميديا.. ولم تبغ من تصرفها سوى وجه الله ومرضاته.. فهي أم ولديها أبناء قد يتعرضون لنفس الموقف الذي تعرض له المجند.. ويجدون من يقف بجانبهم مثلما فعلت أمهم مع المجند.. أما غير الطبيعي.. فهو موقف الكمساري ورئيس القطار.. اللذين تنمرا على مجند شاب.. كان في منتهى الالتزام والأدب.. قد يكون لا يعلم أن هناك أجرا لركوب القطار كمجند.. وقد يكون ما معه لا يكفي ثمنا للتذكرة.. هما لديهم أبناء في سنه.. وهي لديها أبناء في نفس عمره.. ولكن موقف الأم عبر عن طبيعة المصريين.. وموقف الأبوين هو الدخيل على المجتمع.. بألفاظهما الفجة وتنمرهما وعدم تقديرهما للموقف.. وإذا كان حقهما المطالبة بالأجرة.. فهناك طرق أفضل للمطالبة بالحق بدون تعسف.
النماذج المصرية المشرفة.. في مختلف المجالات.. وفي كل الفئات والطبقات.. كثيرة.. والاحتفاء بها طبيعي.. ولكن المبالغة في ذلك الاحتفاء.. يظهر الأمر كأنه طفرة وصفة متنحية وغير سائدة في المجتمع المصري.. ويجعل صاحبها محل سخرية وتهكم.. مثلما حدث مع بائع "الفريسكا" وغيره.. ولذلك فالاعتدال في مثل هذه الأمور.. يحقق الغاية منها.. ويؤصل القيم والمبادئ والعادات الطيبة في نفوس المصريين.