الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

السنة الجهنمية!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يمسك المؤرخ بقلمه مترددا حائرا يحاول تسجيل أهم أحداث 2020.. تتداعى أمامه ذكريات الحنق والغضب والبغض والحروب الأسرية أثناء الحجر الصحي الإجباري.. سيتخبط لا يعلم من أين يبدأ هل بالأحداث السياسية أم الاقتصادية أم الاجتماعية، أو تطورات وباء كورونا المراوغ أم تصريحات منظمة الصحة العالمية المحبطة دائما والملغزة أبدا؟! هناك مئات الأحداث على كافة الأصعدة في كل دولة وفي كل إقليم وكل قارة..إلا أنني على ثقة بأنه سوف يندهش من قدرتنا على تحمل كل هذه الأحداث المتواترة والصمود أمامها!! 
نعم نحن المصريون!! فنحن من أقمنا الأفراح والليالي الملاح على "البلدوزر" واخترعنا الزفة بالدراجات والقوارب النيلية.. لن يقف أمام طموحنا في الإنفجار السكاني شيء حتى كورونا بشحمه وبروتيناته وتيجانه، أيظن أننا شعبا سهل المنال؟!!.. نحن أبناء الفراعنة.. سيظل تعاملنا مع كورونا حالة خاصة جدا يحار فيها العلماء والمؤرخين. 
بالتأكيد سوف يقف المؤرخ مذهولا أيضا عند قدرة الاقتصاد المصري على الصمود في عز الجائحة وتلاعبها بميزانيات الدول! وهو أمر لافت وإنجاز عظيم للحكومة المصرية والقيادة السياسية، وفي ظل خوض تحديات ومراوغات تركيا في شرق المتوسط وفي ليبيا وتحديات سد النهضة. نحن في قلب الكرة الأرضية التي أطلق عليها العالم هالفورد ماكيندر "الجزيرة العالمية" حيث هي محط الأطماع ومركز السيطرة الكونية على العالم هي المنطقة التي إذا تمت السيطرة عليها تمت السيطرة على العالم ومقدراته لذا دارت الحربين العالميتين على شواطئها ومضايقها ويعلم الرجب الأردوغاني أنه بالسيطرة على البحر المتوسط، خاصة شرقه الغني بالغاز والنفط يمكنه من الكثير.. ولا يخفى أن آراء خبراء التخطيط الاستراتيجي في العالم تؤكد أن هذه المنطقة التي يطلق عليها "الهلال" أو "الحافة" أو "الإطار" كما أطلق عليها الخبير الاستراتيجي نيكولاس سبيكمان هذه المنطقة هي مركز العالم واليت يقع فيها عالمنا العربي الإسلامي، ولا علم لي لماذا لم ينتبه العالم العربي لأهمية وجود قوى عسكرية موحدة كحلف الناتو تحمي هذا المكتسب الجيوسياسي الإلهي الذي منحنا الله إياه لقد كان تكوين حلف الناتو بالأساس لهذا الغرض ومنع أي قوى إقليمية عربية من التشكل.. التحرك التركي بالتأكيد ينم عن تكتيك غربي أعلى من أطماعها لأنها بالأساس تتحكم في حركة الملاحة بالبحر الأسود وهي رمانة الميزان في التكتيك الحربي البحري أمام القوة الروسية العتيدة؛ إلا أن الوجود الروسي في سوريا يمثل حائط صد أمام الهمينة الغربية على المنطقة، سيقول المؤرخ لعامنا الجهنمي: "ها هو التاريخ يعيد نفسه" فقد بدأت الحرب العالمية الأولى لنفس السبب هو السيطرة على المنافذ والمضايق البحرية والممرات المائية التي تصل بين قارات العالم ولاشك أن التوترات الحالية في شرق المتوسط وخاصة حول قبرص تؤكد أن الأمر خطير ويعكس نية خبيثة للسيطرة على قناة السويس تبعد عنها نحو 400 كم وهي شريان الملاحة الأهم في العالم. 
كل هذا يحدث من حولنا في هذه السنة العجيبة ولا يمكن لكائن من كان التنبؤ أو التكهن بنهاية كورونا أو نهاية مناوشات شرق المتوسط أو نهاية مناوشات سد النهضة، وفي ظل كل هذا تعود الحياة تدريجيا لأم الدنيا وعاد الزحام ليلف الأدمغة بضجيجه. 
وعادت التمارين الرياضية في الأندية ولم يتم فتح الشواطئ العامة ذات الهواء المتجدد للطبقة الكادحة من الشعب وتمت إتاحتها للطبقة المقتدرة!! ربما سيجيب عن هذا السؤال المؤرخون؟! ويا ترى هل تترفق بنا 2021؟ وهل سيكون المتوسط هادئا أم ساحة معارك واقتتال؟؟
المهم أننا عدنا إلى دوامة التمارين الرياضية بالأندية بل ودوامة جروبات "واتس آب" التي بدأت تدق رؤسنا بالسؤال الحائر:هل ستعود الدراسة أم لا؟