صدرت قرارات وزارية ببدء الدراسة بعدد من كليات الطب الحكومية والأهلية والخاصة مع بداية العام الدراسي الجديد. فهل مصر بحاجة إلى كليات طب جديدة؟ وهل اتخذت الوزارة كل الضوابط التي تضمن جودة التعليم الطبي في هذه الكليات؟ أسئلة نحاول الإجابة عليها.
أولا: هل مصر بحاجة إلى كليات طب جديدة؟
الاجابة المباشرة وبدون تردد هي نعم. وذلك للأسباب التالية:
١- عدد الأطباء العاملين في وزارة الصحة المصرية بلغ ادني مستوى له مع مطلع العام الحالي (نحو ٨٠ ألف طبيب من أصل ٢١٢ ألف طبيب مسجلين بنقابة الاطباء)، طبقا لدراسة أجرتها وزارة الصحة. مع وجود عجز شديد في المحافظات الحدودية ونقص حاد في بعض التخصصات الطبية مثل الرعاية المركزة والتخدير والعظام والجراحات الدقيقة.
٢- وزارة الصحة المصرية بحاجة إلى أكثر من ٥٠ ألف طبيب لكي يصل عدد الاطباء العاملين في وزارة الصحة إلى المستوى العالمي، وهو طبيب لكل ٥٠٠ مواطن.
٣- عدد كليات الطب المصرية (الحكومية والأهلية والخاصة) بما فيها الكليات التي تبدأ الدراسة بها هذا العام اقل من ٥٠ كلية. ومن المعروف عالميا ان معدل كليات الطب هو كلية واحدة لكل مليون مواطن. اي ان مصر مازالت في حاجة إلى قرابة ٥٠ كلية طب جديدة.
كما ان اعداد الطلاب الدارسين بكليات الطب المصرية هو الأكبر على المستوى العالمي (يبلغ طلاب طب المنصورة قرابة ٢٠٠٠ طالب سنويا)، بينما يتراوح العدد في انجلترا بين ٢٠٠-٤٥٠ طالب للكليات الكبرى.
٤- زيادة اعداد الطلاب المقبولين بالكليات الجديدة لن يكون له مردود على اعداد الاطباء، أو على مستوى الخدمة الطبية، قبل مرور عشر سنوات على الاقل. خمسة للدراسة واثنتان للتدريب الالزامي (الامتياز) وثلاث سنوات للتدريب لكي يصبح الطبيب ممارسا عاما. اضف إلى ذلك مدة من خمس إلى عشر سنوات اخري لكي يصبح الطبيب متخصصا في فرع من فروع الطب.
٥- زيادة الطلب على الطبيب المصري في السوق العربية والأفريقية والدولية لارتفاع مستواه المهني، مصحوبا بزيادة مضطرده في معدل التسرب بين الاطباء المصريين. سواء كان ذلك بسبب ترك مهنة الطب، أو النزوح إلى الدول المجاورة أو الهجرة إلى أوروبا وأمريكا واستراليا.
ثانيا: هل اتخذت وزارة التعليم العالي الإجراءات التي تضمن جودة التعليم الطبي في الكليات الوليدة؟
والاجابة عن هذا التساؤل الهام هي بنعم ايضا. فمن واقع خبرتي الشخصية، فإن اي كلية طب جديدة لايمكن لها ان تحصل على قرار وزاري ببدء الدراسة قبل مرور عدة سنوات من الاعداد. وبعد تفحص شامل من اللجان الطبية المختصة، والجهات الرقابية المتخصصة، والتي تضمن جودة العملية التعليمية وسلامة البنية التحتية. ولكي تسمح الوزارة ببدء الدراسة بأي كلية طب جديدة لا بد من التأكد من استيفاء المتطلبات التالية:
١- توفر الامكانيات المادية من أبنية ومعامل ومدرجات ذات مواصفات قياسية. ومكتبات ووسائل اتصال حديثة وبنية إلكترونية جيدة وطرق آمنة.
٢- توفر الامكانيات البشرية، خاصة أعضاء هيئة التدريس والهيئات المعاونه. ولكي لاتصبح هذه الكليات الجديدة اداة لتفريغ الجامعات الحكومية من كوادرها، فقد اشترطت الوزارة تعيين ٥٠٪ على الاقل من الكوادر البشرية من خارج الجامعات الحكومية.
٣- توفير مستشفى جامعي بسعة ٣٠٠ سرير ( على الاقل) لتدريب الطلاب. ومع ان الوزارة كانت قد وافقت على التعاقد مع مستشفيات وزارة الصحة لمدة ٣ سنوات لحين الانتهاء من بناء المستشفيات التابعة للكليات الجديدة، الا انها اشترطت على الكليات الجديدة رفع كفاءة وتطوير مستشفيات وزارة الصحة المركزية لكي تصلح للاستخدام كمستشفي تعليمي.
٤- الشراكة مع جامعات اجنبية متقدمة. كان الرئيس عبد الفتاح السيسي هو من طالب بهذا الشرط، والتزمت به كل الجامعات الأهلية والخاصة الجديدة.
٥- مراقبة انتظام وجودة العملية التعليمية في كل جامعة خاصة بواسطة مستشار للوزير. المستشار يتواجد بصفة دائمة ويقدم تقارير دورية عن مدي التزام الجامعات بمعايير الجودة التي اعتمدتها هيئة ضمان الجودة القومية.
وفي النهاية، أري ان الدولة المصرية، وعلي رأسها الرئيس، وكل أجهزتها التنفيذية، تعمل بكل همة على تحسين الرعاية الصحية للمواطن المصري بتوفير الأعداد المناسبة من الأطباء من خلال زيادة أعداد كليات الطب. مع الالتزام بتحقيق أعلى درجات الجودة والكفاءة والمهنية في تعليم وتدريب الطلاب والوصول إلى أعلى المستويات الدولية في هذا المجال.