الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

السد وذكرى «ناصر»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تكن وقفة السد العالي شامخا هذه المرة ليحمي مصرنا الحبيبة من الفيضان الذي أضر بالشقيقة السودان وأغرق مناطق كبيرة بها وشرد أناس وقتل البعض مجرد وقفة عادية لكنها كانت إجلالا وتكبيرا لذكري الزعيم الخالد جمال عبد الناصر والتي توافق يوم ٢٨ سبتمبر الجاري.
لقد حمل مشروع بناء السد بين طياته الكثير والكثير حيث كان يمثل مواجهة واضحة مع الإستعمار والإمبريالية العالمية ودعوة لدول العالم الحر للنهوض وبناء مستقبل جديد خال من العبودية والتبعية ناهيك عن إشراق شمس التنمية في كل الدول التي عانت ويلات الحروب والتجبر والهيمنة.
فرغم سيطرة الأمريكان وأذنابهم على المؤسسات الدولية في ذلك الوقت وتأثيرهم المباشر على البنك الدولي الذي منع تمويل السد إلا أن الزعيم جمال عبد الناصر نجح في إقناع الاتحاد السوفيتي بتمويل هذا المشروع ووضع خبراته والمساهمة في بنائه.. وسعد السوفيت بالتوجه المصري نظرا للحرب الباردة التي كانت تطل برأسها بين الدولتين الكبيرتين وحلفي وارسو والأطلسي.
وبعزيمة الرجال وسواعد المصريين من عمال ومهندسين وخبراء تم بناء هذا المشروع العملاق الذي شهد له العالم واعتبره الخبراء مشروع القرن للفوائد العديدة التي سيعود بها على مصرنا الحبيبة.
فقد زادت حصة مصر من المياه بعد تخزين الكثير منها خلف بحيرة السد وزادت معها رقعة الأرض الزراعية وباتت مصر تكتفي بالإنتاج الزراعي بل وتصدر الفائض منه.
وفي كل مرة تدخل مصر في مواجهة مباشرة مع الدول الإستعمارية تخرج منها منتصرة بل وتقدم لهم درسا جديدا في الوطنية وقوة وصلابة خير أجناد الأرض.. فهم يدركون ويعرفون تمام المعرفة أن نهضة مصر سوف تقلق مضاجعهم وتهدد ابنتهم المدللة التي زرعوها في الشرق الأوسط عبر التآمر التركي الإنجليزي قبل القرن تقريبا.
ويظل السد العالي وغيره الكثير من المشروعات العملاقة شاهدين على عظمة مصر ونهج الزعيم جمال عبد الناصر والذي يدين له العديد من الدول العربية والأفريقية كونه قاد التحرر من الإستعمار حتى تأثيره العميق وصل دول أمريكا اللاتينية التي كانت تعاني أيضا من غطرسة المستعمرين الأوروبيين.
ولم يتوقف الزعيم عند هذا الحد بل قاد العالم الثالث مع تيتو وأنديرا غاندي والزعيم الإندونيسي سوهارتو في إنشاء مجموعة دول عدم الإنحياز والتي لعبت أدوارًا مهمة في السياسة العالمية وخلقت كيانا كبيرا للدول التي عانت من ويلات الإستعمار والهيمنة الأمريكية الأوروبية بل ولعبت هذه المنظمة دورا كبيرا في الاستقرار العالمي والحد من الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية.
لقد ترك الزعيم الخالد جمال عبد الناصر إرثا كبير لمصر لاتزال تبني عليه نهضتها وتقوم عليه مبادئها مثلما ترك للدول العربية والأفريقية.
لذلك لا يزال ناصر يعيش في وجدان كل من يعتنق الحرية ويرفض الذل والعبودية كما أنه كابوسا يؤرق الإستعمار ويذكرهم دائما بإنكساراتهم وهشاشة تكوينهم رغم التقدم الذي يعيشونه لأن البناء لديهم لا يقف على أرض صلبة من القيم والمبادئ لا يعيش على القرصنة ونهب خيرات الشعوب ولذلك سيظل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر أيقونة العالم الحر وسيظل التاريخ يفتح له صفحات من نور ليسجل كل يومكن مآثره.
وسيظل الشعب المصري وفيا لناصر بعد طي صفحة الملكية التي لها ما لها وعليها ما عليها.
والله من وراء القصد.