في كثير من الأحايين، حينما نُحاط بإشكالية ما، نظن أن الأمر معقد، وأن محاولة التفكير في الخروج من هذا المأزق ضرب من العبث.. نحن نفعل ذلك ولا نعلم أن الخروج من الإشكالية مرهون بقدر محاولاتنا للخروج، أما كيفية الخروج فأمر لا يتعلق بذواتنا!
يرُوى أن حصانًا وقع في بئر عميقة.. ولما لم يستطع أهل القرية إخراجه.. قالوا نردم البئر كى لا تتكرر حوادث الوقوع فيه.. ثم أتوا بالرمال وجعلوا يُلقونها في البئر والحصان بداخله.. ولما وجد الحصان منهم هذا التصرف؛ استغله لصالحه.. فكانوا كلما ألقوا رمالًا في البئر، نفضها الحصان عن ظهره؛ فتنزل تحت قدميه، فيقف عليها.. وهكذا حتى بدأ الحصان يرتفع عن قاع البئر شيئًا فشيئًا، حتى خرج!!
إن الحلول دائمًا قريبة وسهلة، ولكننا لا نفكر في الحل بقدر ما نفكر في المشكلة ذاتها، أو نعتقد أن الحل مستحيل وفقًا لقواعد العقل المنطقية، وفى غمار ذلك ننسى أمرًا مهمًّا وهو: من يضع للعقل قواعده؟! إن عدم رؤيتك للحل لا يعنى عدم وجوده.. لا تفكر في المشكلة؛ بل فكر في حلها، حينها ستنتهى!!
ولذلك أريد أن أضع أمامى وأمامكم مجموعة من الرسائل:
الأولى: مع العسر تيسير.. اصبر قليلًا فبعد العسر تيسير، وكل أمر له وقت وتدبير.. إن الذى قال: «فإن مع العسر يسرًا»، هو الله الذى يعلم السر وأخفى، ليس هذا فحسب؛ بل يؤكد المعنى ذاته في الآية التالية لهذه الآية قائلًا: «إن مع العسر يسرًا»، فهل بعد هذا التأكيد تأكيد؟! وهل ثمة معنى - تعرفونه - لإعطاء الأمل والتفاؤل أعظم من ذلك؟!
الثانية: تفاءل وانتظر الربيع.. دائمًا الدواء في التفاؤل وحسن الظن بالله، حتى وإن حاصرتك المشكلات، وتعلقت بك الهموم، قف في وجهها مبتسمًا، متفائلًا، متَّقدًا بالحب والأمل، وسيأتيك الخير.. الأمل؟! نعم الأمل.. الأمل الذى يغفو بين ضلوعنا؛ منتظرًا الربيع لينهض.. فمتى سيأتى الربيع؟! أنا عند ظن عبدى بي، فليظن بى ما يشاء.. فمن ظن بالله خيرًا؛ جنى الخير.. ومن ظن به سوءًا؛ أُعطى نظير ظنه.. فلمَ التشاؤم ؟!
الثالثة: لا تتعلل بالظروف.. إذا أردت النجاح في حياتك؛ فلا تُعلل فشلك دائمًا بالظروف، ولا تقل: حينما تنتهى هذه المشكلة أو يتحسن الوضع سأبدأ؛ الظروف السيئة لا تنتهى، بل إن هناك من يتخذ منها سُلَّمًا للصعود، والتاريخ ملىء بأمثلة لأشخاص كانت تحيط بهم الظروف السيئة من كل جانب، ومع ذلك كان لهم أكبر الأثر في رسم معالم الحضارة الإنسانية، وكما يُقال: إنه لا يمكن اعتبار المرء فاشلًا إلا إذا بدأ يُلقى اللوم على غيره.
الرابعة: تمسك بالأمل.. عليك أن تتمسك بالأمل حتى ولو كانت المعطيات كلها ضدك؛ ولنا في أنبياء الله أسوة حسنة؛ فهذا هو موسى عليه السلام كان فرعون وجنوده من خلفه، والبحر من أمامه، ومع ذلك قال: «كلا إن معى ربى سيهدين»، حينها جاءه الفرج من حيث لا يعلم؛ فانشق له البحر.. وهذا هو يعقوب عليه السلام الذي فَقَد ابنه، فصبر صبرًا جميلًا، حتى جاءته رائحة الفرج «إني لأجد ريح يوسف».
خامسًا: راجع موطن الخطأ.. فالأساليب والوسائل التى نستخدمها، يجب أن يُعاد النظر فيها إذا لم تسرِ الأمور بالشكل المناسب؛ وحينما تتعثر قدماك، إياك أن تيأس أو تستسلم، بل راجع موطن الخطأ، ثم انهض وانطلق من جديد.
فسيُقبل إلينا الربيع كما يُقبل للطير.. وينهض الأمل من بين الضلوع.. وربما كان الربيع موجودًا ولكننا لم نستطع رؤية جماله!!