الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

التعلم والسلامة في عام دراسي جديد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا في 17 أكتوبر المقبل، ويستمر حتى 24 يونيو المقبل، ويستمر لمدة 33 أسبوعا. وسيكون عاما مختلفا بدوره بسبب استمرار جائحة كورونا. وستستمر التحديات التي واجهت العام الدراسي الماضي لكنها مدعمة هذا العام بتجربة جيدة وارتياح كبير بحكم النتائج التي تم تحقيقها خلال العام الدراسي المنتهي رغم الظروف شديدة الصعوبة. ولعل إيجاد التوازن بين التعلم والسلامة يشكل التحدي الراهن المتجدد ليس في مصر فقط وإنما في كافة دول العالم. وقد استعدت وزارة التربية والتعليم مبكرا بخطة هي بمثابة منهج عمل خلال العام الدراسي الجديد تٌراعى فيها الإجراءات الاحترازية. وهذا الاستعداد المسبق يمثل إشارات جيدة لطمأنة أهالي التلاميذ على حسن سير وإدارة العملية التعليمية وانضباطها في ظل تلك الظروف الاستثنائية، مع جعل صحة وسلامة الطلاب في صدر الأولويات، خاصة وأن وزير التربية والتعليم والتعليم الفني الدكتور طارق شوقي مع طاقم العمل في الوزارة بل وجميع مؤسسات وجهات الدولة لديهم هذا الوعي والإدراك بأولوية السلامة لدى التلاميذ وكذلك العاملين.
وقد نجحت هذه المنظومة بلا شك خلال الموسم الماضي في إرساء ثقافة جديدة في العلاقة بين وزارة معنية بملف شديد الأهمية وتشرف على تعليم أكثر من 23 مليون طالب وبين عائلات الطلاب والمجتمع ككل، وذلك بعد قدر كبير من الإجادة والكفاءة تٌوجت بها امتحانات الثانوية العامة؛ وهو ما يٌنتظر تكراره مع بدء عام دراسي جديد والبناء على تلك الثقة وتحسينها من خلال استمرار نفس الحرص على صحة وسلامة الطلاب والمعلمين والعنصر البشري في المدارس عموما باعتباره أولوية قصوى فوق أى اعتبار واتخاذ السياسات والتدخلات اللازمة لتجنب العدوى مع تحقيق ذلك التوازن المأمول بين سير العملية التعليمية في انتظام وتوفير شروط الصحة والسلامة لكافة العناصر التعليمية.
وتعكس الخطوط العريضة للخطة الاستباقية إلى أي مدى تخطو منظومة تطوير التعليم في مصر خطى ثابتة لإعادة الدولة المصرية على خريطة التصنيفات الدولية المتقدمة رغم الظروف الاستثنائية الخاصة بأزمة انتشار وباء كورونا العالمي والتي منعت في المقابل دولا كثيرة متقدمة من إتمام امتحانات الثانوية العامة وشهادات أخرى تماثلها.
ومن أبرز ملامح هذه الخطة التي أعدتها وزارة التربية والتعليم العمل بنظام الفترتين والثلاث فترات لمنع اكتظاظ المدارس ومراعاة عدم التجمع داخلها والحرص على خروج الطلاب في أوقات متفاوتة، مع إلزام الجميع بارتداء الكمامات داخل المدارس مراعاة للإجراءات الوقائية؛ كما سيتم إجراء المسح الحراري لكل طفل قبل استلامه من ولي الأمر أو قبل صعوده إلى الأتوبيس. إضافة لذلك، سيتم زيادة الاعتماد على التعليم عن بعد "أون لاين" بحيث يمكن لطلاب المراحل التعليمية المتقدمة عدم التواجد في الفصول إلا مرتين أو ثلاثة أسبوعيا من أجل المزيد من السيطرة على المخاطر المحتملة، وهو ما يتطلب تحسين وضع الشبكات الإلكترونية في المدارس والتأكد من إمكانية الوصول إلى الإنترنت، وربط الطلاب بمنظومة التعليم الجديدة بشكل قوي وفعال. وهذا دور موكول أيضا لوزارة الاتصالات بالاشتراك مع جهاز تنظيم الاتصالات والشركات العاملة في القطاع لتأمين الخدمات كامل اليوم وتحسين الشبكات والخدمة في مختلف مناطق الجمهورية. والمكسب الكبير هنا هو انتقال شرائح من المجتمع ومناطق جغرافية إلى مستخدمين دائمين للشبكة وهي بعض المنح التي تأتي بها المحن والأزمات.
ولعل هذا التحدي من شأنه أن يخلق فرصا جديدة لتحسين البنية التحتية لمدارس الجمهورية وتوفير بيئة تعليمية أفضل للتلاميذ والمعلمين. وقد أثبت المصريون في مناسبات عديدة واجهوا فيها تحديات جمة أنها تخلق لديهم حافزا إضافيا يدعم معنوياتهم ويجود أداءهم ويخلق أمامهم فرص النجاح التي ربما لا يلتقطونها في الظروف العادية وتلك هي ميزة هذا الشعب المصري المليء بالطاقات والتكيف والاستجابات عندما يواجه الصعوبات.
وإذا كانت وزارة التربية والتعليم قد وضعت الخطة وآلية تنفيذها ومراقبتها فإن هناك تدابير أخرى على المجتمع من جهة والمدرسة من جهة أخرى أن يتكاتفوا للقيام بها، مثل تعزيز التهوية السليمة وتوفير مرافق لغسل اليدين وغير ذلك من تدابير التعقيم داخل المباني المدرسية والمنازل وتثقيف الناس على استخدامها، فضلا عن وضع توجيهات واضحة بشأن استخدام معدات الحماية الشخصية مثل الكمامات ومواد التعقيم والتباعد وهي إجراءات وإن كانت لم تعد جديدة فإن الحرص على استمرار الالتزام بها من شأنه تحسين البيئة التعليمية وبيئة الحياة وجودتها بشكل عام.
ولاشك أن الجانب المشرق والمضيء في هذه الأزمة هو تحسين بيئة التعلم في المدارس من بنية تحتية ومظاهر وأدوات للنظافة وسبل السلامة والوقاية إلى جانب البنية التحتية الخاصة بتكنولوجيا المعلومات والتعلم عن بعد مما قد يحسن طرق التعلم وفرصه.
وليست مصر استثناء في اتخاذ هذه السياسات التعليمية المعتمدة على المرونة والموازنة بين التعلم والسلامة بل إنها تواكب بذلك ما يحدث في شتى دول العالم وتحاول أن تكيف الظروف لتخلق من التحديات فرصا للنجاح والتجويد حيث غيّرت أزمة كورونا من الطرق التعليمية التي يتعلم بها التلاميذ والطلاب وغيرت بشكل جذري في نظم التعليم والتقاليد المتبعة على مدى عقود حتى داخل دول كانت معروفة بطرقها التقليدية وأنظمتها غير المرنة.. وكان الحل هو اتباع النهج الأكثر فعالية حاليا وهو المزج بين التعليم المباشر والمادي في الفصول وبين التعليم عن بعد، مما يسمح بالوصول إلى النتائج المرجوة بحد أدنى من الخسائر.