أنباء القتل في الأسبوع الفائت توالت بسرعة غريبة وبمشاهد متنوعة، وكالعادة الفقراء يموتون في صمت ، سائق حافلة السياح الكوريين ضاعت روحه وتم شحنه في صندوق إلى أهله ثم تشييع جثمانه بكنيسة ماري جرجس بالقاهرة دون أي حضور رسمي وانتهى الأمر ، لم أسمع عن برقية عزاء من الرئاسة أو الحكومة لأهله، وكذلك مقتل أسرة مسيحية بأكملها في الاسكندرية حيث تقرر النيابة التصريح بدفنهم وسارت الدنيا وكأن شيئاً لم حدث، بعد ذلك تتوالى الأخبار عن شباب ضاعوا في عاصفة ثلجية بسانت كاترين، بينما كانت عيون الجميع ثابتة على صورة السيسي وحمدين، والأعجب هو ما شهدته الإسماعيلية مدينتي الهادئة من قيام زوج بخنق زوجته حتى الموت، وبعدها يقول الجيران عنه أنه كان مختلا من الناحية النفسية.
إنها حالة جنون جماعي سواء بالفعل أو الصمت أو ردود الأفعال، ربما أكتب لكم الآن خارج السياق الذي عرفتموني فيه ، حيث لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ومعركتنا مع الإرهاب تتصاعد يومياً، وحدود بلادنا من ناحية غزة مخترقة بأكثر من 1200 نفق، أو على الأقل هذا ما تم اكتشافه وتدميره حتى الآن.
تحاول الأحداث جاهدة أن تخلط أوراقنا وأن تحرف بوصلة بناء بلادنا، يساعدها في ذلك بعض الغباء الحكومي والكثير من التربص سواء من خصومنا السياسيين في الداخل أو من الشامتين فينا من الخارج ، وهنا يرتبك المتابع الذي يحاول الرصد والتقييم الأمين.
فلا يمكن القبول بسيل دماء الأبرياء سواء في حوادث جنائية أو حوادث مع الطبيعة كما حدث في سانت كاترين أو جرائم متعمدة ينفذها الإرهابيون بدم بارد ضد الجيش والشرطة والمواطنين ، ويصبح تساؤل المراقب مشروعاً متى أصرخ ليسمع من به صمم ؟ ومتى أعرض الحدث في صيغة إخبارية محايدة ؟.
تابعت كما تابعتم جميعاً حدث الأبرياء الذين ماتوا في العاصفة الثلجية بسانت كاترين والمؤكد هو أن وجع المصريين على ذلك الحادث كان عظيماً، ولكن أن ينتقل هذا الوجع إلى فرصة للبعض للضرب تحت الحزام وتحميل مؤسسة الجيش التي هي على جبهة الحرب ما لا تحتمل فهذا تصرف صبياني لابد أن يتوقف، وربما كنت سأتفهم تلك التشنجات لو رأيت وسمعت غضباً مشابهاً لاستشهاد سائق حافلة السياح الكوريين، أو لذبح الأسرة المسيحية بالإسكندرية ولكن لم يحدث من ذلك شيئاً.
وإذا أضفنا طابور شهداء الجيش والشرطة وتراخي من يدعون أنهم حقوقيون في التضامن مع أرواح هؤلاء الشهداء بالنعي أو التعاطف مع ذويهم ، لاكتشفنا أننا أمام حالة رديئة من الحس الإنساني البليد لهؤلاء المتاجرين بحقوق الإنسان ، ويزيد الطين بلة تلاعب بعض مذيعي الفضائيات ودسهم السم في العسل دون أي إحساس بالذنب أو المسئولية الوطنية تجاه بلد كانوا يريدونها داعش ولكننا جعلناها مصر رغم أنوفهم.
إن الانتقائية في حملات الدعم او الرفض صارت أمر مثيراً للغثيان، ولعل حادثة الفتاة الإخوانية صاحبة الكلابشات ليست بعيدة، وحتى لا يهب المزايدون في وجهي أقول وأكرر .. كل عاقل بالغ راشد يرفض التجاوز ويدينه .. ولكني أضيف على ذلك الرفض التام للانتقائية، لأن ذلك يثير شبهات على فاعليه ويأتي بردود فعل معاكسة لما يريدون، كما أنه يفتقد للعدالة التي ثارت مصر من أجلها.
فعلى الدولة الانتباه، وعلى النحانيح الحذر،وعلى الوطن السلام.