يأتى التعليم أولا ثم تأتى باقى القطاعات لاحقا في سباق الأولويات
إذ يعتبر التعليم الأساس لكل الأمم والمجتمعات المتقدمة المتحضرة، ويبنى عليه باقى فروع الحياة الإنسانية. لا يوجد عاقل أو منصف يمكن أن ينكر هذه الحقيقة التى اجتمعت عليها البشرية بعد أن صدرت كأول أمر إلهى من المولى عز وجل لرسوله الكريم- صلى الله عليه وسلم، وهو «اقرأ».
إن هذا الأمر الإلهى الأول في تاريخ الإسلام والأول في تعاليم المولى عز وجل لرسوله الكريم والأول في آيات القرآن المبين، لم يأت إلا لإلهام البشرية والمسلمين خاصة، بكيف تبنى الأمم، خصوصا أن الرسول صلى الله عليه وسلم- كان يخطو الخطوة الأولى في بناء الأمة الإسلامية.
ولعلنا نلتقط الحكمة من هذا الترتيب الربانى من خالق السموات والأرض والأدرى بما خلق من خلقه، لنضع التعليم على رأس أولوياتنا في بناء مجتمع قوى على مستوى من الوعى والثقافة والتعليم، يحافظ على تقدم ونماء وطنه ويحميه من كل الإخطار بالعلم والمعرفة.. ولنقترب أكثر من ملف التعليم في مصر بالفحص والتحليل، لنسأل أنفسنا: هل ما يحدث في مصر يعد اهتماما بهذا الملف، أم هو مجرد إدارة لهذا الملف على استحياء؟ هناك فرق كبير بين إدارة الملف والاهتمام به.. إن العملية التعليمية تقوم على عنصرين، أولهما العنصر البشرى، وهو أهم العنصرين، والعنصر المادى أو الإمكانيات والتى تشمل الوسائل والأدوات والمنشآت.
العنصر البشرى، والذي يعتبر الاهتمام به من أهم الركائز التى تقوم عليها العملية التعليمية؛ حيث يجب إعداد المعلم الإعداد الجيد ليكون قادرا على استيعاب كل الوسائل المستحدثة في العملية التعليمية، كذلك توفير الأعداد المناسبة من المعلمين ليتناسبوا مع أعداد الطلاب، وهو ما لا يحدث في مصر؛ حيث يوجد نقص للمعلمين في كل المواد، مع التمسك بعدم تعيين معلمين جدد، وهو ما يعد سباحة ضد التيار مع وفرة الخريجين العاطلين، والعنصر الثانى الإمكانيات ويشمل المدارس والوسائل والأدوات.
أما المدارس فحدّث ولا حرج، لقد تعدت الكثافات في بعض المدارس ٩٠ طالبًا في الفصل الواحد، وهو معدل تستحيل معه العملية التعليمية، ويدلل على عدم وجود خطة لاستيعاب الزيادة الطبيعية في عدد الطلاب طبقا للنمو السكانى الواقعى، وهو ما يصب في جيب أصحاب المدارس الخاصة والجامعات الخاصة أيضا؛ حيث لم تبن جامعة حكومية جديدة منذ عشرات السنين والجامعات الجديدة، ما هى إلا فروع استقلت عن أصل جامعاتها،
أما الإعلام.. فالإعلام صناعة مهمة للفرد والمجتمع وتكمن أهمية الإعلام أولا وأخيرا في مدى التأثير الإيجابى في مختلف شرائح المجتمع وبدأت الحاجة الشديدة للإعلام منذ قديم الزمان وتعددت الوسائل الحديثة والتى بدأت باختراع الطباعة ثم الصحافة ثم الإذاعة ثم التليفزيون إلى أن وصلنا إلى الإعلام الإلكتروني، وكما بدأ الإعلام وتطور في وسائله تطورت أهدافه وتنوعت، ويقاس نجاح الإعلام كما سردنا من قبل بمدى تأثيره في شرائح المجتمع ومدى متابعته، ولكن نضيف التأثير الإيجابى من ثقافة وعلم وتوعية حيث لا يجب أن نعترف بنجاح الإعلام في التأثير في المجتمع بطريقة سلبية من خلال نشر أعمال منافية للأخلاق والذوق العام وهى أعمال قد تثير انتباه المشاهدين لغرابتها لكنها لا ترقى إلى إعجابهم، ومن هنا نستخلص الأهداف الرئيسية التى نشأ الإعلام من أجلها، وهى الإرشاد والتوعية والتثقيف لحشد التعاون بين الشعب والدولة لصالح البلاد والجمع بين التعليم والإعلام في جملة واحدة قد لايدرك البعض أن كلاهما نشأ من أجل زيادة الوعى لدى المجتمع أي أن لكلاهما نفس الأهداف وأنهما مكملان لبعضهما في الأساس وأن الانحراف في أحدهما أو كلاهما إنما هو من صناعة القطاع الخاص ومن تراجع دور الدولة في هذين المجالين.. إنهما قطاعان لا يجب على الدولة أن ترفع يدها عنهما وهما من أهم الملفات التى تشكل شخصية المواطن المصرى.