الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

العلم أعزكم الله

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى الوقت الذى تحتدم فيه المعارك حول العالم للوصول للقاح يقينا شر كورونا ويقى البشرية الفناء، نجد السينما المصرية تفاجئنا بفيلم عن «المقامات» وأفضال أصحابها! الحقيقة الفيلم مثل صدمة كبيرة لنا، خاصة أنه للكاتب الكبير إبراهيم عيسى، الذى قدم لنا قبل عدة سنوات فيلم «الضيف»، ولم أفهم الغرض من فيلم «صاحب المقام» هل هو توق للعودة إلى الخلف أكثر من 100 عام، وأن نتبرك بالأولياء الصالحين للخلاص من كورونا؟! 
لكن الأمر المبشر بالخير هو أن نجد شباب العلماء المصريين يحققون إنجازات مشرفة فى الخارج، يشقون طريقهم بين مصاف العلماء الكبار فى العالم، ونحن لا نزال كما يقال «ريما على عادتها القديمة» مستمرون فى تحطيم وتدمير الموهوبين والمتفوقين، بل باتت تلك سمة ووصمة تتلصق بالمصريين أينما ذهبوا!. 
أحدثكم اليوم عن باحث دءوب شارك فى أهم دورية علمية فى العالم ببحث عن اللقاحات هو الدكتور طارق عدنان خبير تصميم وتطوير اللقاحات وزميل كلية طب مورهاوس باتلانتا فى الولايات المتحدة، هذا الباحث وبمشاركة د. على البطاح من جامعة العلوم والتكنولوجيا باليمن، قاما بنشر بحث علمى متميز فى أرقى دورية علمية بريطانية تصدر شهريا فى مجال اللقاحات تحت اسم Expert Review of Vaccines «مراجعة الخبراء التقييمية للقاحات»، ويدور البحث حول تقييم طرق إنتاج لقاحات أشباح الميكروبات، والتى تعتبر طفرة علمية فى مجال صناعة اللقاحات.
أما لماذا سميت «لقاحات الأشباح» لأنه يتم قتل الميكروبات بواسطة إحداث ثقب دقيق فى جسم الميكروب باستخدام طرق كيميائية معتدلة أو طرق بيولوجية تعتمد على تقنيات الهندسة الوراثية؛ لتنتج ميكروب فارغ المحتوى ومقتول له هيكل أو شبح الميكروب الأصلى. 
يثبت البحث أن شبح الميكروب عند استخدامه كلقاح فإنه يحاكى الإصابة الفعلية ويقوم بتدريب جهاز المناعة على الإصابة المحتملة ولكن بأمان تام. وتتميز هذه اللقاحات بقدرتها على إنتاج لقاحات عالية الفاعلية، واستخدامها كمنصات ميكروبية قابلة لإنتاج لقاحات لميكروبات اخرى خطرة، واستخدامها كحوافظ تحمل مثيرات مناعية تعمل كلقاحات لأمراض خطيرة مثل السرطان. 
الشوط الكبير الذى قطعه البحث يبشر الإنسانية بأن هناك أملا لعلاج الأمراض المستعصية، وبذلك ستشارك تلك التقنية فى تطوير صناعة إنتاج اللقاحات العالمية بشكل كبير وتفتح الباب لإنتاج لقاحات لأمراض كثيرة استعصى إنتاجها فى السابق.
والأمر المبشر الذى أخبرنى به د. طارق عدنان، الحاصل على دكتوراه التكنولوجيا الحيوية من جامعة الإسكندرية، أن تقنية لقاحات الاشباح قابلة للتطبيق لإنتاج لقاحات لفيروس الكورونا المستجد «كوفيد- 19» إذ يمكن استخدام اشباح البكتيريا لتنتج بعض البروتينات المناعية للفيروس بدقة ونقاء وتنقل تلك البروتينات بكفاءة للخلايا المناعية مما يجعلها تعمل كلقاحات آمنة تولد رد فعل مناعى يقى من الإصابة من الفيروس نفسه. كما يمكن للتقنية أن تشارك فى إنتاج أشباح من فيروس الكورونا المستجد نفسه، تعمل كنسخ آمنة للقاح فعال ضد الفيروس. 
وما يدعو للفخر حقا أن النشر فى الدورية البريطانية Expert Review of Vaccines خطوة عظيمة فهى تقع على رأس الهرم البحثى الدولى فى مجال بحوث اللقاحات، فالمجلة تحكمها هيئة نشر صارمة لا تقبل أبحاث إلا لمن تصنفهم كخبراء فى المجال لهم مشاركات سابقة فاعلة فى المجال.
هذه المجلة تنشر الأبحاث التى تقود مسار البحوث المستقبلية على مدى الخمس سنوات المقبلة، لذا نهنيء الباحثين المصرى واليمنى على هذا السبق العلمى كونهما أول عربيين فى تاريخ الدورية يقدمان بحثا منفردا، حيث كانت مشاركات الباحثين العرب من جنسيات أخرى بأبحاث ضمن فرق بحث أجنبية. وتعتبر هذه المشاركة الأولى لباحث مصرى أو باحث يمنى بهذه الدورية الرصينة. 
أتمنى من الإعلام العربى تسليط الضوء على شباب العلماء، فحينما تمجد الأمة علمائها بالتأكيد ستحصد نماءا وخيرا، ويكفى أننا سنصنع القدوة لأطفالنا وشبابنا عسى أن نلحق بركب العلم والتكنولوجيا الذى تتسارع خطى الدول للحاق به. 
هذا البحث الآن أصبح مرجعا أمام العالم وسيكون له دور فى تصنيع اللقاحات المقبلة لكورونا وغيرها، وربما يعزى له الفضل فى إنتاج لقاح يخلص البشرية من هذا البلاء، وكما يقول خليل مطران عن العلم: 
قوةُ العلمِ أنه ملهمُ الحُسْ * نى وحلال أعقدِ المعضلاتِ
فهو فى أقطعِ الظروفِ وصولٌ * وهو فى أمنعِ الظروفِ مواتى
كلُ وقتٍ يمجدُ العلمُ فيه * هو لا ريبَ، أسمحُ الأوقاتِ