الخميس 21 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

مصر والقارة السمراء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شهدت الأسابيع القليلة الماضية زخما كبيرًا فى تعاطى مصر مع أزمات القارة الأفريقية. بدأت بزيارة رئيس المخابرات العامة المصرية ووزيرة الصحة لجنوب السودان وافتتاح المركز الطبى المصرى الجديد بجوبا يوم ١٢ أغسطس، وتبعتها زيارة الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، والوفد المرافق له إلى السودان يوم ١٥ أغسطس لتدشين عدد من المشروعات التنموية، ثم تلاها لقاء د. هالة زايد، وزيرة الصحة مساء السبت، الموافق ٢٢ أغسطس مع الدكتورة سارة عبدالعظيم وزيرة الصحة السودانية؛ لبحث تعزيز سبل التعاون بين البلدين فى المجال الصحي، خاصة علاج فيروس سى، والذى تعهدت فيه مصر بعلاج مئات الآلاف من المرضى السودانيين.
وعلاقات مصر مع القارة الأفريقية، علاقات أزلية منذ عهد قدماء المصريين. وكان النيل بمثابة الشريان الذى ربط مصر بدول حوض النيل منذ فجر التاريخ، ومنذ ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، شهدت العلاقات المصرية الأفريقية فترات من الدفء وفترات أخرى من البرود حسب تقرير «رحمة حسن» المنشور فى المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية بتاريخ ٣٠ يونيو ٢٠٢٠ بعنوان: «ثورة 30 يونيـو وعودة مصرية لقلب القارة السمراء».
رصدت فيه تطور العلاقات المصرية أثناء فترة جمال عبدالناصر ومرحلة المد القومى العربى الأفريقى الذى ساند بقوة الثورات التحررية فى القارة السمراء، ومرحلة الريئس السادات الذى انشغل كثيرًا بمعركة تحرير الأرض وتحقيق السلام، واتجه شمالا نحو أوروبا وأمريكا أكثر من أفريقيا، ومرحلة مبارك والتى شهدت حالة من التذبذب حتى محاولة اغتياله فى أديس أبابا سنة ١٩٩٥، والذى انتهت بجفاء واضح بين مصر وأفريقيا، أفقد مصر عمقها الاستراتيجى فى أفريقيا.
وعلى مر الزمان كانت مصر بالنسبة لأفريقيا، مثل الرأس الذى يدير الجسد، خاصة مع حركات التحرر من الاستعمار، غير أن الجفاء والتباعد بين مصر وشقيقاتها الأفريقية كان قد بلغ ذروته بين أعوام ١٩٩٥ حتى تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكم فى مصر سنة ٢٠١٤. حيث نجح فى إعادة مصر إلى الاتحاد الأفريقى بعد تعليق عضويتها فى دورته الـثانية والعشرين، ونجح كذلك فى إقامة تعاون بناء أساسه الأمن والتنمية للقارة الأفريقية. وكانت النقطة الفارقة فى العلاقات المصرية الأفريقية قد تحققت بعد أن تسلمت مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى فى فبراير ٢٠١٩، حيث قام الرئيس السيسى بقيادة أفريقيا نحو شراكة دولية لم تتحقق فى تاريخ القارة السمراء من قبل.
وخلال عام واحد «فبراير ٢٠١٩- فبراير ٢٠٢٠» نجح الرئيس السيسى فى تنظيم عشرات المنتديات العالمية بغرض دمج القارة الأفريقية فى السياسة والاقتصاد العالمي، ومنذ الشهر الأول لتولى رئاسة الاتحاد، بدأ السيسى بمؤتمر ميونخ للأمن فى دورته الـ٥٥ فى فبراير ٢٠١٩، تبعه بمنتدى الحزام والطريق الصينى فى أبريل ٢٠١٩، والذى أعلنت فيه الصين عن رغبتها فى توسيع التعاون مع القارة الأفريقية من خلال البوابة المصرية، ثم القمة الصينية الأفريقية فى شهر يونيو، ثم قمة مجموعة العشرين فى اليابان فى نفس الشهر. ثم قمة مجموعة الدول السبع الكبرى فى فرنسا فى أغسطس، ثم مؤتمر طوكيو الدولى السابع للتنمية فى أفريقيا. 
وخلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها الـ٧٤ فى سبتمبر، تم التخطيط للتعاون المصرى الأفريقى فى مجال الصحة.ثم عقد القمة الروسية- الأفريقية فى أكتوبر، تلتها القمة الالمانية – الأفريقية فى نوفمبر.
وأنهى السيسى رئاسته للاتحاد الأفريقى بقمة الاستثمار البريطانية الأفريقية فى يناير 2020، بمشاركة 21 دولة أفريقية.
وعلى مدى العام الماضى كانت مصر تسعى إلى الاستثمار فى البينة التحتية والتحول الرقمى وتمكين المرأة والشباب ودعم الشراكة مع القطاع الخاص والترويج للاستثمار فى القارة الأفريقية.
ونظرًا لإدراك القيادة السياسية الحالية لأهمية العمق الأفريقى لمصر، ومدى تأثيره على الأمن القومى المصرى والعربي، فقد قامت مصر بمد يدها لكل بلدان القارة السمراء، من دول شمال أفريقيا العربية، إلى الدول الجنوب الصحراوية، ومن دول حوض النيل والقرن الأفريقى إلى دول غرب القارة والجنوب الأفريقي، وهذا الدور قد أعاد مصر إلى أحضان القارة السمراء، وأعاد الثقة بين البلدان الأفريقية ومصر، ندعو الله أن يستمر التعاون ويكتمل التناغم والتقارب بين كل البلدان الأفريقية.