الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عن يوم عاشوراء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يُعرف عاشوراء بأنّه اليوم العاشر من شهر الله المحرّم، أول شهور السنّة الهجرية وأحد الأشهر الحُرُم، كما يُعرف تاسوعاء بأنّه اليوم التاسع من ذات الشهر، ويُستحبّ صيامهما، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : أفضلُ الصِّيام بعد رمضان؛ شهر الله المحرّم، وأفضل الصَّلاة بعد الفريضة؛ صلاة اللَّيل [صحيح مسلم]، وقد سمّى النبي ﷺ المحرّم شهر الله، وإضافتهُ إلى الله تدلُّ على شرفه وفضله، فإنّ الله تعالى لا يضيفُ إليه إلاّ خواصَّ مخلوقاته؛ ولمّا كان هذا الشهر مختصّاً بإضافته إلى الله تعالى، وكان الصيام من بين الأعمال مضافاً إلى الله تعالى، فإنه له من بين الأعمال ، ناسب أن يختصَّ هذا الشهر المضاف إلى الله بالعمل المضاف إليه، المختصِّ به، وهو الصيام [لطائف المعارف: ٨١]، ويوم عاشوراء يوم مبارك معظم منذ القدم؛ فقد صامه موسى عليه السلام شكراً لله عز وجل، ثم صامه أتباعه من اليهود وكانوا يعظمونه ويتخذونه عيدًا لهم، ويلبسون فيه نسائهم حليهم واللباس الحسن الجميل، وسر ذلك عندهم أنه اليوم الذي نجّى الله فيه موسى عليه السلام وقومه من فرعون وجنوده، فصامه موسى شكراً لله تعالى، وصامه نبينا ﷺ وأمر بصيامه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "قَدم النَّبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: «ما هذا؟»، قالوا: هذا يومٌ صالح هذا يومٌ نجَّى الله بني إِسرائيل من عدوِّهم، فصامه موسى، قال: «فأَنا أَحقُّ بموسى منكم»، فصامه، وأمر بِصيامه" [رواه البخاري]، وفي هذا الحديث دلالة على أن رسول الله ﷺ والمسلمين هم أولى الناس وأحقهم بموسى عليه السلام وبسائر الأنبياء والمرسلين؛ لأنهم آمنوا بجميع الرسل والأنبياء، ولا يفرقون بين أحد منهم.
صيام يوم عاشوراء كان معروفاً على أيام الجاهلية قبل البعثة النبويّة، فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: "إن أهل الجاهلية كانوا يصومونه".. قال القرطبي: لعل قريشاً كانوا يستندون في صومه إلى شرع من مضى كإبراهيم عليه السّلام، وقد ثبت أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومه بمكة قبل أن يهاجر إلى المدينة، وقد ورد في فضل صيامه عدّة أحاديث، منها ما رواه البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنّه قال: "ما رأيتُ النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلَّم يتحرَّى صيام يومٍ فضَّلَه على غيره إلَّا هذا اليوم، يوم عاشوراء، وهذا الشَّهر يعني شهر رمضان"، وفي هذا الحديث يحكي عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما أنَّه ما رأى النبي ﷺ يتحرَّى، أي: يقصد ويبالغ في طلب صيامِ يومٍ فضَّله على غيرِه إلَّا هذا اليوم يوم عاشوراء، فكان شديد الإهتمام بصيامه والحرص عليه لينال فضله وثوابه، ويستحب صيام يوم مع يوم عاشوراء لمخالفة أهل الكتاب فقد عزم النبي صلى الله عليه وسلم في آخر عمره على أن لا يصوم يوم عاشوراء مفرداً بل يضم إليه يوماً آخر بصيام يوم قبله أو يوم بعده مخالفة لأهل الكتاب في صيامه، ففي صحيح مسلم عن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله: إنه يوم تعظِّمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع» قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم" [رواه مسلم]، أي: أنَّه كان قد عزم على أن يصُوم التاسع مع العاشر، ففي الحديث دليل على أنه يستحب لمن أراد أن يصوم عاشوراء أن يصوم قبله يوماً، وهو اليوم التاسع، فيكون صوم التاسع سنة وإن لم يصمه النبي ﷺ، لأنه عزم على صومه، وضمه إلى العاشر ليكون مخالفاً لأهل الكتاب، فإنهم كانوا يصومون العاشر فقط.
فضل صيام يوم عاشوراء:
وردت العديد من الأحاديث النبوية التي تدلّ على فضل صيام يوم عاشوراء، فعن أبي قتادة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صيَام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله، والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله» [أخرجه مسلم في صحيحه]؛ فصيام يوم عاشوراء سُنة فعلية وقولية عن النبي ﷺ، ويترتب على فعل هذه السُّنَّة تكفير ذنوب سنةٍ ماضيةٍ، وهذا من فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة، وقد ذكر ابن القيم في كتابه زاد المعاد مراتب صوم عاشوراء فقال: "فمراتب صومه ‏ثلاثة: أكملها: أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر، وعليه ‏أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم"؛ فيستحب صيامه وصيام يوم قبله أو يوم بعده، اقتداءً بأنبياء الله وطلباً لثواب الله، وأكثر العلماء على استحباب صيامه، وكُلُّ عامٍ وأَنتُم بِخيرٍ.