سؤال يتبادر إلى عقلي بين وقت وآخر:لماذا «يلبس» - أو يركب باللهجة الدارجة - الجان، المسلمين فقط، خاصة السيدات، ولا يمر حتى مرور الكرام بجوار الأوروبيين والأمريكان، أو اليابانيين والصينيين، والهنود، أو حتى أعدائنا الإسرائيليين؟
وهل العفاريت والجان منتشرون فى بلاد المسلمين، ويختفون فى بلاد «الفرنجة» من الكفار والملحدين؟
لماذا لا تقترب العفاريت من شقراوات أوروبا وأمريكا فهناك من الحسناوات من يكن وليمة كبيرة ترضي نهم السادة العفاريت!
لقد وصل حد استغلال بعض المشعوذين للحالات النفسية السيئة للمريضات والاعتداء عليهن جسديا واستغلالهن جنسيا في وقائع يندى لها جبين الحياء.
منهن من كانت على قدر من الشجاعة فأبلغت الجهات المعنية وواجهت حتى أخذت حقها القانوني.. وأخرى خافت على سمعتها وخراب بيتها فكتمت وآثرت السكوت!
ولهذا فالمتتبع لأحوال مجتمعات العالم الإسلامي من حوله يجد هذه الظواهر الإجتماعية الخطيرة بعد أن أصبحت مترسخة في عقول الملايين من المسلمين الذين يعتقدون بأن سوء أحوالهم المادية أو فشلهم العائلي أو العاطفي أو بعض الأمراض المتفشية فيهم وغيرها من المشاكل والهموم تعود بالأساس إلى السحر والجن والنحس لتبرير فشلهم وتخلفهم وعدم نجاحهم في مسيرة الحياة!
فلا تراهم يعيدون حساباتهم على أساس من الواقع، مع التسلح بالعلم والعقل والإيمان ودراسة الأسباب والمسببات الكونية والنفسية والإجتماعية التي تكون قد تدخلت بشكل طبيعي في أحوالهم ومسيرة حياتهم ومنعتهم من تحقيق أهدافهم أوعرقلت نجاحاتهم.
بل يبررون كل ما حدث ويحدث لهم من فشل في حياتهم بسوء الحظ أو السحر، أو المس الشيطاني أو غير ذلك.
لهذا كثرت الشعوذة والدجل والنصب والإحتيال والكذب والتدليس وأخذ أموال الناس بالباطل هذه الأيام باسم علاج المس وخلافه إلى درجة الطعن في الأعراض والتقاتل والصراع ورفع دعاوى قضائية في المحاكم بين أولئك الدجالين.
فكما أوضحنا لم يكتفِ الدجالون بإشباع حاجاتهم المادية عن طريق حيلهم الكاذبة، بل استغلوا قدرتهم على النصب والخداع، في إشباع رغباتهم الجنسية أيضًا، ليتستقطبوا السيدات اللاتي يأملن في العلاج ويقنعوهن أن الحل هو ممارسة الجنس، وأن كل ما بهم من داء سيزول عقب المعاشرة، الأمر الذي أصبح يتكرر كثيرًا في الآونة الأخيرة.
_ منذ عشر سنوات تقريبا حضرت بالصدفة البحته جلسة ضرب مبرحة لأمرأة ادعت أنها ملبوسة قام خلالها الدجال بتكتيفها بمعرفة زوجها وبالمعنى الدارج (رزعها علقة موت) وزوجها يبتسم!
فخيل إلي أن الزوج مغلوب على أمره وأراد أن يربيها فانتهز الفرصة أنها ملبوسة كي يخلص تاره منها بواسطة العفاريت الزرق!
فخرجت من المكان الذي جلست فيه من باب الفضول وأنا أجر أذيال الخيبة والحسرة على ما آلت إليه أحوال مجتمعاتنا وما زال المشهد يطارد مخيلتي من وقت لآخر .
يقرر الشيخ محمد الغزالي: ".. وبعض الناس يجاوز النقل والعقل معاً، ويتعلق بمرويات خفيفة الوزن أو عديمة القيمة، ولا يبالى بما يثيره من فوضى فكرية تصيب الإسلام وتؤذى سمعته! ومن هذا القبيل زعم بعض المخبولين أنه متزوج بجنية، أو أن رجلًا من الجن متزوج بإنسية، أو أن أحد الناس احتل جسمه عفريت، واستولى على عقله وإرادته! فقلت: أى روايات بعد ما كشف القرآن وظيفة الشيطان ورسم حدودها؟
فكيف يحتل الجنى جسمًا ويصرفه برغم أنف صاحبه المسكين؟
أن الشيطان يملك الوسوسة، والتحصن منها سهل بما ورد من آيات وسنن، فلا تفتحوا أبوابًا للخرافات بما تصدقون من مرويات تصل إليكم.. قلت: هناك أمراض نفسية أصبح لها تخصص علمى كبير، وهذا التخصص فرع من تخصصات كثيرة تعالج ما يعترى البشر من علل.
ولكنى لاحظت أنكم تذهبون إلى دجالين فى بعض الصوامع والأديرة فيصفون لكم علاجات سقيمة ويكتبون لكم أوراقًا مليئة بالترهات، فهل هذا دين؟
إن الإسلام دين يقوم على العقل، وينهض على دعائم علمية راسخة، وقد استطاعت أمم فى عصرنا هذا بالعلم أن تصل إلى القمر، وتترك عليه آثارها! فهل يجوز لأتباع دين كالإسلام أن تشيع بينهم هذه الخرافات الأوهام"؟