الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رغباتنا الداخلية دعوات مستجابة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل الخلق أوجدنا الله من ظهر آدم، وأشهدنا على وحدانيته وقدرته وإعجازه في الخلق، وتراصت مخلوقات الله في مشهد مهيب شاخصةً أبصارها نحو الواحد الأحد وهو يعرض عليهم بدائع الكون إثباتا لعظمته وجلاله، حيث منحهم حرية اختيار ما يلائم إمكاناتهم الخفية في رحم الغيب، منهم من اختار العلم والمعرفة لتتكشف له أسرار الموجودات ويهب البشرية البقاء والتطور بأمر الله، ومنهم من اختار الموسيقى ليؤلف ألحانا خالدة تمنح الروح السكينة، ومنهم من مسته يد الله فألقى بأسوَدَه على بياض الصفحات وسطَّر شِعرًا ومؤلفات، ومنهم من استنسخ الخيال فجسَّده فنًا على اللوحات والتماثيل التي تؤرِّخ لحضاراتٍ لا تزول.
"وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين" 172 سورة الأعراف
اختارت مخلوقات الله جميعها من معجزات الله ما يتوافق مع أغوار نفسها الخفية، منها من اكتشف ذلك السر الذي يكمن داخلها فنمّى تلك الموهبة ، ومنها من تناساها أو أهملها، ومنها من لم يكتشفها بعد.
وبعد الموهبة تأتي أفكارنا الداخلية القابعة بأعماقنا، والتي تنتظر شخصا ما يرشدنا الى أول الطريق، يعلمنا كيف نزرع الحلم ونصبر عليه، متى نحصده ونجني ثماره، فرغباتنا الداخلية هي دعوات مستجابة إذا ما اتحدت مع ما يماثلها في الكون، كما أعمالنا الحسنة التي تنبع من نوايانا الحسنة ، فهي تؤثر فينا بطاقة إيجابية نستدعيها من الكون بالصبر والإصرار لتجذب كل ما هو جميل وطيب.
أما إذا كانت النوايا سيئة ، فإنها تؤثر فينا بطاقة سلبية ، وتجذب كل المخاوف التي تُزعِجنا ، فتستدعي من الكون كل ما هو سيئ ، وربما يلقي الشيطان أمنيته فيها.
وهذا يؤكد لنا أن عبارة القلب الأبيض والقلب الأسود ليسا ببدعة، إنما هما اعكاسٌ لطاقاتنا ورغباتنا الداخلية، فالطاقة الإيجابية المقترنة بالنية الحسنة تفترش قلوبنا بالضياء وتُشع علينا وعلى كل من حولنا ببساطٍ من نور، أما الطاقة السلبية المقترنة بالنية السيئة، فهي تُلوِّن قلوبنا بلوْن الرّماد المحترق بالغل والقسوة.
والحقيقة الغائبة أنه ليس بيننا وبين ما نتمنّاه سوى أن نتمنّاه ، فقط نتمنّى ولا نخشى شيئا، شريطة أن نُخلِص النية ثم نتمنّى ما نشاء حد المستحيل، لا ينبغي أن نضع حدًاً لأحلامنا، نتمنّى ونلقي بأمنياتنا الى السماء، ربما تلقى دعوة بظهر الغيب أو خير قدمناه يوما أو صدقة تصدقنا بها تُعانق دُعاءنا، فنستدعيها من الكون وتتّحد مع نوايانا الحسنة وتتحقق بإذن الله.