أظهرت أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد عالميًا أهمية دور التكنولوجيا والتحول إلى الاقتصاد الرقمى في محاربة هذه الجائحة، وذلك بوقف التجمعات وتحفيز قطاعات كبيرة من البشر في التواجد بمنازلهم لوقف انتشار الفيروس، سواء، باستخدام أحدث التطبيقات المجانية للترفيه ومشاهدة المسلسلات وغيرها، بالإضافة إلى تطبيق سياسة العمل من المنزل والتعليم عن بعد، والحصول على الخدمات الحكومية والمالية عن طريق الاونلاين ما يشير بأن التكنولوجيا لم تعد للرفاهية فقط بل أيضا لاعبا كبيرا بإدارة الأزمات ليس في مصر فقط، ولكن في العديد من دول العالم.
والحقيقة أن جائحة كورونا أظهرت لنا تجربة فريدة تستحق الدراسة لما توفره من فرصة كبيرة لتوفير النفقات والجهود المضنية في تخفيف الكثافات داخل الفصول المدرسية والجامعات، وهو ما يمثل العائق الأكبر في سير العملية التعليمية في مسارها الصحيح، وهو ما يعرف بالتعليم عن بعد وهو ما نبهنا إلى إعادة النظر في جدوى المكان في العملية التعليمية، كما نبه إلى قيمة التكنولوجيا والاستفادة الكبيرة منها في مجال التعليم، وهو ما ظهر أننا ننفق المليارات هباء في إجراءات قديمة موروثة لا تحقق الهدف الأسمى من العملية التعليمية، والحقيقة التى أظهرت نفسها بوضوح ولم يبرزها أحد أو يشير إليها أن النظام الذى وضعه الوزير طارق شوقى في تطبيق نظام التابلت على سنة أولى وثانية ثانوى هو الوحيد المستمر، ويستطيع إجراء عملياته التعليمية بشكل طبيعى في ظل جائحة كورونا، ودون حضور الطالب ودون خروجه من المنزل، وهذا ما يجعلنا نعيد النظر في العملية التعليمية برمتها حيث أظهر نظام التعليم عن بعد فوائد كبيرة، منها توفير النفقات المهولة على الدولة من إنشاء مدارس جديدة أو جامعات حيث يكفى المستقبل وجود مبنى إداري لإدارة المنظومة الإلكترونية لتعليم الطلاب ولنقارن للتوضيح بين التعليم عن بعد وبين نظام الحضور في المدارس أولا في نظام الحضور يحتم على الطالب الحضور بالزى المدرسي وتضييع الوقت والجهد والمال في ركوب المواصلات في حين لا يوجب التعليم عن بعد بحضور الطالب إلا في العملى فقط، ويمكن إرسال فيديوهات أيضا لبعض مجالات التعليم العملى، ثانيًا المحاضرات في التعليم العادى تعطى مرة واحدة بلا عودة ولا يمكن الرجوع إليها كأنها لبن مسكوب، أما في التعليم عن بعد يمكن الرجوع إليها مرات ومرات متى شاء الطالب وهو ما يعطينا الفرصة لاختيار أفضل عناصر على مستوى الجمهورية من المدرسين ليقوموا بتسجيل هذه المحاضرات أو شرح الدروس بطريقة دقيقة يمكن مراجعتها وتدقيقها قبل نشرها مرات ومرات ما يجنبنا سوء مستوى بعض المدرسين، وهو ما يحقق العدالة بين الطلاب في مستوى العملية التعليمية، ثالثا يقضى التعليم عن بعد على موضوع الدروس الخصوصية تماما حيث إن الطالب يمتلك جميع المواد في ذاكرة التابلت بالشرح وبالفيديوات التوضيحية ويستطيع الاستماع إليها عدة مرات متى شاء ويستطيع إرسال الأسئلة غير الواضحة بالنسبة له، ويتلقى الرد عليها والمؤسف فيما يحدث كما قلنا من قبل هو عدم تقبل المدرس لهذه الطريقة ما يصعب المهمة على وزير التعليم الذي يحتاج إلى الدعم لإكمال مشروعه الذى أثبت صلاحيته الكاملة أثناء جائحة كورونا، ولكن مايؤخذ على هذا النظام تعقيد التقييم لمستوى الطالب حيث ما زال الموضوع يخضع للتجريب، وأرى أن هناك تقصيرًا في دراسة الخطوات قبل تنفيذها، فلا يجب أن تكون بعض الأجيال ضحايا تطبيق بعض النظريات قبل تدقيقها ودراستها بعناية، فمثلا تقييم الطالب بالألوان ثم إعطاؤه درجات ثم الضبابية حول سير عملية التنسيق، وعندما نطلب الشرح حتى من وكلاء الوزارة فتكون الإجابة أن الوزير وحده هو من يعلم، وهذا لا يستقيم في منظومة يعمل بها الجميع في الوزارة، وأما عن نظام الأبحاث أو المشروعات بديلا عن الامتحان في ظروف انتشار كورونا فهو عير مجدٍ لعدم التأكد من حصول الطالب على المعلومة، وفى النهاية يجب أن نؤكد على أن التحول إلى الاقتصاد الرقمى أصبح هدفًا تسعي إليه الدول للتيسير على المواطنين وتقليل النفقات وتسريع الإجراءات لزيادة معدلات التنمية للارتقاء ببلدانها إلى مستوى اقتصادى أفضل.