لعل ما جرى من أحداث طوال الأشهر الماضية سواء في منطقة شرق البحر المتوسط، أو على حدودنا الغربية في ليبيا، يكون كافيًا لندرك خطورة ما تروجه أبواق زعيم الإرهاب الدولي رجب طيب أردوغان عبر منصات التواصل الاجتماعي.
قبل سنوات قلائل تماهى البعض منا مع الحملات الدعائية التي شنتها تلك الأبواق ضد خطط الرئيس عبدالفتاح السيسي لتعزيز قدرات الجيش المصري عبر صفقات سلاح جديدة لم تكن أولها حاملة الطائرات ميسترال الفرنسية، كما لم تكن آخرها صفقة الغواصات الألمانية، حيث أسست تلك الأبواق حملاتها الهجومية على الأوضاع الاقتصادية التي كانت تعانيها مصر بسبب سياسات خاطئة استمرت لعقود إضافة إلى ما تعرض إليه الاقتصاد المصري من استنزاف بعد أحداث يناير ٢٠١١.
وبدأت تلك الأبواق تتحدث عما أسمته بأجندة الأولويات، منتقدة في ذات الوقت برنامج الإصلاح الاقتصادي والذي كان تحديد سعر الصرف عنوانه الرئيسي، وما صحبه من مشروعات قومية كبرى شملت بناء مدن جديدة وتشييد شبكة طرق حديثة،علاوة على مشروعات الإسكان الاجتماعي وتشييد مدن ذكية وحديثة في القلب منها العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة، بل إن مشروعات الاستصلاح الزراعي والمزارع السمكية والمجمعات الصناعية والورش لم تنجُ هي الأخرى من سهام النقد.
رفعت حملات الدعاية السوداء شعار بناء البشر قبل الحجر، متهمة الدولة بإنفاق المليارات فيما ليس له جدوى أو عائد ومردود على تحسين أوضاع المواطن الاقتصادية، ولم تألو جهدًا لتشويه كل إنجاز.
اليوم وبعد اشتعال الصراع في منطقة شرق المتوسط على ثروات الغاز الطبيعي ومحاولات تركيا للسطو عليها، يتضح أن تلك الأبواق المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك، تويتر، يوتيوب) كانت ولا تزال تتلقى تعليماتها سواء من قيادات جماعة الإخوان الإرهابية المتواجدة في الدوحة وأنقرة، أو من عناصر المخابرات التركية عبر شبكات معقدة كشفت الأجهزة المصرية أغلبها.
الهدف كان تحريض الرأي العام المصري على مؤسسات الدولة للضغط عليها وعرقلة مساعيها لإعادة بناء وتعزيز عناصر القوة الشاملة حتى تقف عاجزة عن حماية ثروات ومقدرات الشعب المصري في مياه البحر المتوسط، وحدود أمنه القومي في العمق الليبي.
نفس هذه الأبواق هي من انتفضت بتعليمات إخوانية تركية عندما أعلن الرئيس أن سرت والجفرة خط أحمر في وجه المحتل التركي، وراحت تحرض المصريين ضد الدولة مدعية أن إثيوبيا وسد النهضة أولى بتحركات الجيش المصري، مستخدمة في ذلك كل المفردات والرسائل السياسية التي يستخدمها الساسة الأتراك بشأن أن ليبيا لا تمثل شيئًا لمقتضيات الأمن القومي المصري.
أصحاب أغلب هذه الحسابات خاصة ممن لا ينكرون هويتهم وأسماءهم الحقيقية لا يفصحون عن انتمائهم للتنظيم الإرهابي بل يدعون في بعض الأحيان معارضتهم له، وفيما هم يظهرون في أوقات معينة للترويج للدعاية والسياسات التركية، يتهمون كل مؤيد وداعم للدولة المصرية ورئيسها وجيشها ومؤسساتها بالنفاق مستخدمين المصطلح الإخواني الشهير "التطبيل"، بينما هم يطبلون ويزمرون صباح مساء لأردوغان زعيم الإرهاب الدولي، ويعتبرون غزوه لسوريا وليبيا والعراق ذكاءً سياسيًا ودفاعًا مشروعًا عن مصالح الأمن القومي التركي ويتحينون الفرص للتمجيد والتطبيل لديمقراطية ونزاهة وأخلاق أردوغان، وعندما يخرج الأخير أو وزير خارجيته مولود شاويش أوغلو بتصريحات تهاجم القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، يخرج مطبلاتية أردوغان بمنشورات فيسبوكية تنتقد المشير.
مجمل القول احذروا أبواق أردوغان لأنها تتخفى في عباءة الوطنية مرة والدين مرات ولا تعلن أبدًا عن حقيقة وجهها الإخواني القبيح.